للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيعيده الله كما كان، فيجيئون من الغد، فيجدونه قد أعاده الله كما كان، فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فئوسهم، فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول: نجيء غدًا فنخرج إن شاء الله. فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه، فيحفرون حتى يخرجوا، فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها، ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها، ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون: قد كان ههنا مرة ماء. ويفر الناس منهم، فلا يقوم لهم شيء، ثم يرمون بسهامهم إلى السماء، فترجع إليه مُخَضَّبَة بالدماء، فيقولون: غلبنا أهل الأرض وأهل السماء. فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول: اللهم لا طاقة ولا يَدَين لنا بهم، [فاكفناهم] [١] بما شئت. فيسلط الله عليهم دودًا، يقال له: النغف فيفرس رقابهم، ويبعث الله عليهم طيرًا تأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر، ويبعث الله عينًا يقال لها: الحياة، يطهر الله الأرض وينبتها، حتى إن الرمانة ليشبع منها السَّكن -قيل: وما السكن يا كعب؟ قال: أهل البيت- قال: فبينما الناس كذلك، إذ أتاهم الصريخ أن ذا السويقتين يريده، [قال:] [٢] فيبعث عيسى ابن مريم طليعة سبعمائة -أو بين السبعمائة والثمانمائة- حتى إذا كانوا ببعض الطريق، بعث الله ريحًا يمانية طيبة، فيقبض فيها روح كل مؤمن، ثم يبقى عجاج من الناس فيتسافدون كما [يتَسَافد] [٣] البهائم، فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه [ينتظرها] [٤] متى تضع. قال كعب: فمن [قال بعد] [٥] قولي هذا شيئًا أو [بعد علمي] [٦] هذا شيئًا فهو المتكلف.

هذا من أحسن سياقات كعب الأحبَار، لما شهد له من صحيح الأخبار، وقد ثبت [في] [٧] الحديث: أن عيسى ابن مريم يحج البيت العتيق.

وقال الإمام أحمد (٥٦): حَدَّثَنا سليمان بن داود، حدثنا عمران، عن قتادة، عن عبد الله بن أبي عتبة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : "ليحجن هذا البيت، وليعتمرن بعد خروج، يأجوج ومأجوج" انفرد بإخراجه البخاري.

وقوله: ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾، يغني: يوم القيامة، إذا وجدت هذه الأهوال والزلازل والبلابل، أزفت الساعة واقتربت، فإذا كانت ووقعت قال الكافرون ﴿هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾، ولهذا قال تعالى: ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، أي: من شدة ما يشاهدونه


(٥٦) المسند (٣/ ٢٧)، وصحيح البخاري برقم (١٥٩٣).