للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس لك [رزقًا] [١]، وإنَّما بطنك تكون له سجنا.

وقوله: ﴿وَذَا النُّونِ﴾ يعني: الحوت، صحت الإضافة إليه بهذه النسبة.

ولوله ﴿إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾ قال الضحاك: لقومه. ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيهِ﴾ أي: [نضيق عليه في بطن الحوت، يروى نحو هذا عن ابن عبَّاس ومجاهد والضحاك وغيره، واختاره ابن جرير، واستشهد عليه لقوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾.

وقال: عطية العوفي: ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيهِ﴾ أي:] [٢] نقضي عليه. كأنه جعل ذلك بمعنى التقدير، فإن العرب تقول قدر وقدّر بمعنى واحد، قال الشاعر:

فلا عائدٌ ذاك الزمانُ الذي مضى … [تباركت] [٣] ما تَقْدرْ يَكُن، فَلَكَ الأمر

ومنه قوله تعالى: ﴿فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ أي: قدَّر.

وقوله: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، قال ابن مسعود: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل. وكذا روي عن ابن عبَّاس، وعمرو بن ميمون، وسعيد بن جبير، ومحمد بن كعب، والضحاك، والحسن، وقَتَادة.

وقال سالم بن أبي الجعد: ظلمة حوت في كطن حوت في ظلمة البحر.

قال ابن مسعود وابن عبَّاس وغيرهما: وذلك أنَّه ذهب به الحوت في البحار يشقها، حتَّى انتهى به إلى قرار البحر، [حتَّى سمع] [٤] يونس تسبيح الحصى في قراره، فعند ذلك وهنالك قال: ﴿لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ﴾.

وقال عوف: لما صار يونس في بطن الحوت، ظن أنَّه قد مات، ثم حرك رجليه، فلما تحركت سجد مكانه، ثم نادى: يا رب، اتخذت لك مسجدًا في موضع ما اتخذه أحد.

وقال سعيد بن الحسن البصري: مكث في بطن الحوت أربعين يومًا. [رواهما ابن جرير] [٥]. وقال محمد بن إسحاق بن يسار، عمن حدثه، عن عبد الله بن رافع -مولى أم سلمة- سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله : "لما أراد الله حبس


[١]- سقط من: ز.
[٢]- سقط من: ز.
[٣]- في ز: "تبارك".
[٤]- في ت: فسمع.
[٥]- في ز: "رواها ابن جبير".