كما قال رسول الله،ﷺ:"بني الإسلام على خمس"(١١) أي: [خمس][١] دعائم، وهذا لا يكون إلا في الخيام كما تعهده العرب ﴿مَحْفُوظًا﴾، أي: عاليًا محروسًا أن ينال. وقال مجاهد: مرفوعًا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عليّ بن الحسين، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدّسْتَكيّ، حدثني أبي، عن أبيه، عن أشعث -يعني: ابن إسحاق القُمّي- عن جعفر [بن][٢] أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: قال رجل: يا رسول الله، ما هذه السماء؟ قال:"هذا موج مكفوف عنكم". [إسناده][٣] غريب.
وقوله: ﴿وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ كقوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾. أي: لا يتفكرون فيما خلق الله فيها من الاتساع العظيم والارتفاع الباهر، وما زينت به من الكواكب الثوابت والسيارات في ليلها، و [في النهار][٤] من هذه الشمس التي تقطع الفلك بكماله في يوم وليلة، فتسير غاية لا يعلم قدرها إلا الله الذي قدرها وسخرها وسيرها.
وقد ذكر ابن أبي الدنيا، ﵀، في كتابه "التفكر والاعتبار": أن بعض عباد بني إسرائيل تعبد ثلاثين سنة، وكان الرجل منهم إذا تعبد ثلاثين سنة أظلته غمامة، فلم ير ذلك الرجل شيئًا مما كان [يحصل][٥] لغيره، فشكي ذلك إلى أمه، فقالت له: يا بني، فلعلك أذنبت في مدة عبادتك هذه؟ فقال: لا، والله ما أعلم. قالت: فلعلك هممت؟ قال: لا، ولا هممت. قالت: فلعلك رفعت بصرك إلى السماء ثم رددته بغير فكر؟ فقال: نعم، [كثيرًا][٦]. قالت: فمن ها هنا أوتيت.
ثم قال منبهًا على بعض آياته: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ﴾، أي: هذا في ظلامه وسكونه، وهذا بضيائه وأنسه، بطول هذا تارة ثم يقصر أخرى، وعكسه الآخر. ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾، هذه لها نور يخصها، وفلك بذاته، وزمان على حدة، وحركة وسير خاص، وهذا بنور خاص آخر، وفلك آخر، وسير آخر، وتقدير آخر ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾، أي: يدورون.
(١١) - أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب: وعاؤكم إيمانكم، حديث (٨) (١/ ٤٩) وطرفه في (٤٥١٥). ومسلم في كتاب الإيمان، باب: بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، حديث =