للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين، ومن الأنبياء والمرسلين.

قلت: وهذا كقوله: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيبَ إلا اللَّهُ﴾، وقال: ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إلا بَغْتَةً﴾ أي: ثقل علمها على أهل السماوات والأرض.

وقال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أَبو زرعة، حدَّثنا منجاب، حدَّثنا أَبو تُمَيلة، حدثني محمد بن سهل الأسدي، عن وِقَاء [١] قال: أقرأنيها سعيد بن جبير يعني: ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ بنصب [٢] الألف، وخفض الفاء، يقول: أظهرها، ثم قال [٣]: أما سمعت قول الشاعر:

دأب شَهْرَينِ ثم شهرَا دميكًا … بأَريكين [٤] يخفياني غميرا [٥]

وقال الأسدي: الغمير: نبت رطب ينبت في خلال يبس. والأريكين: موضع. والدميك: الشهر التام. وهذا الشعر لكعب بن زهير.

وقوله : ﴿لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى﴾ أي: أقيمها لا محالة؛ لأجزي كل عامل بعمله ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ و ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. وقوله: ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى﴾، المراد بهذا الخطاب آحاد المكلفين، أي: لا تتبعوا من كذب بالساعة، وأقبل على ملاذه في دنياه، وعصى مولاه، واتبع هواه، فمن وافقهم على ذلك فقد خاب وخسر ﴿فَتَرْدَى﴾ أي: [تهلك وتعطب] [٦]، قال الله تعالى: ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾.

﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (١٧) قَال هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (١٨) قَال أَلْقِهَا يَامُوسَى (١٩) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (٢٠) قَال خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (٢١)

هذا برهان من الله تعالى لموسى، ، ومعجزة عظيمة وخرق [للعادة باهر دالٌّ] [٧] على أنَّه لا يقدر على مثل هذا إلا الله ﷿ وأنه لا يأتي به إلَّا نبي مرسل.


[١]- في ز: "ورقاء".
[٢]- في ز: "نصب".
[٣]- سقط من ت.
[٤]- في ز: "بأرمكين".
[٥]- في ز: "عميرا".
[٦]- في ز: "هلك وعطب".
[٧]- في ز: "للمادة لماهرة دالة".