للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسراء أجمع عليه المسلمون واعترض فيه الزنادقة الملحدون ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.

[قوله تعالى] [١]

﴿وَآتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (٢) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (٣)

لما ذكر تعالى أنه أسرى بعبده محمد عطف بذكر موسى عبده ورسوله [٢] وكليمه أيضًا؛ فإنه تعالى كثيرًا ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد -عليهما [من الله الصلاة و] [٣] السلام- وبين ذكر التوراة والقرآن؛ ولهذا قال بعد ذكر الإسراء: ﴿وَآتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ يعني: التوراة ﴿وَجَعَلْنَاهُ﴾ أي: الكتاب ﴿هُدًى﴾ أي: هاديًا ﴿لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا [٤]﴾ أي: لئلا تتخذوا ﴿مِنْ دُونِي وَكِيلًا﴾ أي: وليًّا ولا نصيرًا ولا معبودًا دوني؛ لأن الله تعالى أنزل علي كل نبي أرسله أن يعبده وحده لا شريك له.

ثم قال ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ﴾ تقديره: يا ذرية من حملنا مع نوح، فيه تهييج وتنبيه علي المنة. أي: يا سلالة من نجينا فحملنا مع نوح في السفينة، تشبهوا بأبيكم ﴿إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ فاذكروا أنتم نعمتي عليكم بإرسالي إليكم محمدًا صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وقد ورد في الحديث (٦٣) وفي الأثر عن السلف (٦٤) أن نوحًا


(٦٣) - أخرجه البيهقي في شعب الإيمان - (٤٤٦٩) (٤/ ١١٣). والعقيلي في الضعفاء - (١/ ٢١٤). من طريق الحارث بن شبل قال: حدثتنا أم النعمان عن عائشة حدثتها عن النبي قال: "إن نوحًا لم يقم عن خلاء قط إلا قال الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى منفعته في جسدي، وأخرج عني أذاه". والحارث بن شبل هذا- قال فيه: أبو حاتم: منكر الحديث، وقال العقيلي ضعيف. وقال البخاري: ليس بمعروف في الحديث، وضعفه الدارقطني. [ميزان الاعتدال- (١/ ٤٣٤) - والكامل لابن عدي (٢/ ٦١٣). والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" - (٤/ ٢٩٤) وعزاه إلى ابن أبي الدنيا. وفي الباب عن أبي فاطمة ومعاذ بن أنس عند ابن مردويه كما في "الدر المنثور" (٤/ ٢٩٤، ٢٩٥)، وفتح الباري لابن حجر (٨/ ٣٩٦). وقال ابن حجر "الفتح" (٦/ ٣٧٣) … وروى عبد الرزاق بسند مقطوع أن نوحًا كان إذا ذهب إلى الغائط قال … فذكره" وأما الآثار فمنها؟!.
(٦٤) - أثر سلمان الفارسي، أخرجه الحاكم في مستدركه - (٢/ ٣٦٠) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وعنه البيهقي في شعب "الإيمان" - (٤٤٧١) (٤/ ١١٣). وابن جرير في =