للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنا، فإذا أنا بإبراهيم، وإذا هو مستند إلي البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه.

ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى، فإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال. فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت، فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن يصفها من حسنها، قال: فأوحى الله إليّ ما أوحى، و [١] فرض عليَّ في كل يوم وليلة خمسين صلاة، فنزلتُ حتى انتهيت التي موسى قال: ما فرض ربك على أمّتك؟ قال: قلت [٢]: خمسين صلاة في كل يوم وليلة. قال: ارجع إلي ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمّتك لا تطيق ذلك، وإني قد بلوت بني إسرائيل وخَبَرتهم. قال: فرجعت إلي ربك؛ فقلت: أي ربِّ! خَفِّفْ عن أمّتي. فحطّ عني خمسًا، فرجعت إلي موسى؛ فقال: ما فعلت؟ قلت: قد حطّ عني خمسًا. قال: إن أمّتك لا تطيق ذلك، فارجع [٣] إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمّتك. قال: فلم أزل أرجع بين ربي، وبين موسى، ويحطّ عني خمسًا خمسًا حتى [٤] قال: يا محمد؛ هي [٥] خمس صلوات في كل يوم وليلة، بكل صلاة عشر، فتلك خمسون صلاة؛ ومن همّ بحسنة فلم يعملها كُتبت حسنة، فإن عملها كتبت عشرًا. ومن همّ بسيئة، ولم [٦] يعملها لم تكتب، فإن عملها كُتبت سيئة واحدة. فنزلتُ حتى انتهيت إلي موسى فأخبرته، فقال: ارجع إلي ربك فاسأله التخفيف لأمَّتك؛ فإنّ أمّتك لا تطيق ذلك؛ فقال رسول الله : "لقد رجعت إلي ربي حتى استحييت". ورواه مسلم عن شيبان بن فروخ، عن حماد بن سلمة بهذا السياق، وهو أصحُّ من سياق شريك.

قال البيهقي (١٢): " وفي هذا السياق دليل على أن المعراج كان ليلة أسري به من مكة إلى بيت المقدس". وهذا الذي قاله هو الحق الذي لا شك فيه، ولا مرية.

وقال الإِمام أحمد (١٣): حدثنا [٧] عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة، عن أنس : أن النبيّ أتي بالبراق ليلة أسري به مسرجًا ملجمًا ليركبه،


(١٢) - " دلائل النبوة" للبيهقي (٢/ ٣٨٥).
(١٣) - " المسند" (٣/ ١٦٤) والحديث عند عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٣٧٢) ومن طريق عبد الرزاق =