للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمجرد رأيه وتشهيه.

"وما" في قوله: ﴿لما تصف [١]﴾ مصدرية، أي: ولا تقولوا الكذب لوصف ألسنتكم.

ثم توعد على ذلك فقال: ﴿إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون﴾ أي: في الدنيا ولا في الآخرة، أما في الدنيا فمتاع قليل، وأما في الآخرة فلهم عذاب أليم، كما قال: ﴿نمتعهم قليلًا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ﴾، وقال: ﴿إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون﴾.

﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩)

لما ذكر تعالى: أنه حرم علينا الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، وإنه أرخص فيه عند الضرورة- وفي ذلك توسعة لهذه الأمة التي يريد الله بها اليسر ولا يريد بها العسر - ذكر ما كان حرمه على اليهود في شريعتهم قبل أن ينسخها، وما كانوا فيه من الآصار والتضييق [٢] والأغلال والحرج، فقال: ﴿وعلى الذين هادوا حرمنا مما قصصنا عليك من قبل﴾ أي [٣]: في سورة الأنعام؛ في قوله: ﴿وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما﴾ إلى قوله: ﴿لصادقون﴾ ولهذا قال هاهنا: ﴿وما ظلمناهم﴾ أي: فيما ضيقنا عليهم ﴿ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ أي: فاستحقوا ذلك كقوله [٤]: ﴿فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدّهم عن سبيل الله كثيرًا﴾ ثم أخبر تعالى تكرمًا وامتنانًا في حق العصاة المؤمنين: أن من تاب منهم إليه تاب عليه، فقال: ﴿ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة﴾ قال بعض السلف: كل من عصى الله فهو جاهل.

﴿ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا﴾ أي: أقلعوا عما كانوا فيه من المعاصي، وأقبلوا على فعل الطاعات ﴿إن ربك من بعدها﴾ أي: تلك الفعلة والزلة ﴿لغفور رحيم﴾.


[١]- سقط من: ز، خ.
[٢]- في خ: مكانها بعد كلمة "والحرج".
[٣]- في خ: "يعني".
[٤]- في خ: "كما قال".