للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلهذا قال: ﴿لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ أي: من أضله، فمن الذي يهديه من بعد الله؟ أي: لا أحد ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ أي: ينقذونهم [١] من عذابه ووثاقه ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالمِينَ﴾.

﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (٣٩) إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠)

يقول تعالى مخبرًا عن المشركين: أنهم حلفوا فأقسموا بالله جهد أيمانهم، أي: اجتهدوا في الحلف وغلظوا الأيمان: على أنه لا يبعث الله من يموت، أي: استبعدوا ذلك، فكذبوا الرسل في إخبارهم لهم بذلك، وحلفوا بذلك [٢] على نقيضه، فقال تعالى مكذبًا لهم ورادًا عليهم: ﴿بَلَى﴾ أي: بلى سيكون ذلك ﴿وَعْدًا عَلَيهِ حَقًّا﴾ أي: لا بد منه ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أي: فلجهلهم يخالفون الرسل ويقعون في الكفر.

ثم ذكر تعالى حكمته في المعاد، وقيام الأجساد يوم التناد، فقال: ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ﴾ أي: للناس [] [٣] ﴿الَّذِي [٤] يَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾ أي: من كل شيء ﴿لِيَجْزِيَ [٥] الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾، ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ﴾ أي: في أيمانهم وأقسامهم: لا يبعث الله من يموت، ولهذا يدعون يوم القيامة إلى نار جهنم دعًّا، وتقول [٦]، لهم الزبانية: ﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

ثم أخبر تعالى عن قدرته على ما يشاء، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وإنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، [والمعاد من ذلك، إذا أراد كونه فإنما يأمر به مرة واحدة، فيكون] [٧] كما يشاء، كقوله [٨]: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ


[١]- في ز، خ: "ينقذهم".
[٢]- زيادة من: خ.
[٣]- ما بين المعكوفتين في ز: "أي".
[٤]- سقط من: ز.
[٥]- في خ: "ويجزي".
[٦]- في خ: "ويقول".
[٧]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٨]- في خ: "كما قال".