للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من آل فرعون، وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإِذلال، حين كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم ويتركون إناثهم، فأنقذ الله بني إسرائيل من ذلك، وهذه نعمة عظيمة؛ ولهذا قال: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ أي: نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك، أنتم عاجزون عن القيام بشكرها.

وقيل: وفيما كان يصنعه بكم قوم فرعون من تلك الأفاعيل ﴿بَلَاءٌ﴾ أي: اختبار عطم، ويحتمل أن يكون المراد هذا، وهذا - والله أعلم - كقوله تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.

وقوله: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾ أي: آذنكم وأعلمكم بوعده لكم، ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربكم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه، [كما قال] [١]: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾.

وقوو، [٢]: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ أي: لئن شكرتم [نعم الله] [٣] لأزيدنكم منها ﴿وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ﴾ أي: كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها ﴿إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ وذلك بسلبها عنهم، وعقابه إياهم على كفرها.

وقد جاء في الحديث (٨): " إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه".

وفي المسند أن رسول الله، ، مر به سائل، فأعطاه تمرة فتسخطها ولم يقبلها، ثم مر به آخر فأعطاه إياها فقبلها، وقال: تمرة من رسول الله، ، فأمر له بأربعين درهمًا، أو كما قال [٤] الإِمام أحمد (٩):

حدَّثنا أسود، حدَّثنا عمارة الصيدلاني، عن ثابت، عن أَنس قال: أتى النبي، صلى


(٨) - تقدم تخرجه [سورة الرعد / آية ٣٩].
(٩) - " المسند" (٣/ ١٥٥، ٢٦٠)، ووقع في الموضع الثاني "ثنا إسرائيل" بين أسود وعمارة، وذكره الهيثمي في موضعين (٣/ ١٠٥) (٨/ ١٨٥) وقال في الأول منهما: "رواه أحمد والبزار باختصار وفيه عمارة بن زاذان وهو ثقة وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح". وقال في الموضع الثاني: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عمارة بن زاذان وثقه جماعة وضعفه الدارقطني" قلت: وعمارة بن زاذان وإن وثقه غير واحد وكذا أحمد في رواية إلَّا أنَّه قال - فيما رواه عنه الأثرم، كما في "التهذيب" -: "يروي عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير".