للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٣٣)

يقول تعالى: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ [بِمَا كَسَبَتْ] [١]﴾، أي: حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة، يعلم ما يعمل العاملون من خير وشر، ولا يخفى عليه خافية، ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إلا كُنَّا عَلَيكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُهَا﴾، وقال: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾، وقال: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾، وقال: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾، وقال: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَينَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ … أفمن هو هكذا كالأصنام التي يعبدونها، لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل، ولا تملك [٢] نفعًا لأنفسها ولا لعابديها، ولا كشف ضر عنها ولا عن عابديها؟ وحذف هذا الجواب اكتفاء بدلالة السياق عليه، وهو قوله: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ﴾، أي: عبدوها معه، من أصنام وأنداد وأوثان.

﴿قُلْ سَمُّوهُمْ﴾، أي: أعلمونا بهم، واكشفوا عنهم حتى يُعرَفوا، فإنهم لا حقيقة لهم، ولهذا قال: ﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ﴾، أي: لا وجود له؛ لأنه لو كان له وجود في الأرض لعلمه، لأنه لا تخفى عليه خافية.

﴿أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾ - قال مجاهد: بظن من القول.

وقال الضحاك وقتادة: بباطل من القول.

أي: إنما عبدتم هذه الأصنام بظن منكم أنها تنفع وتضر، وسميتموها آلهة، ﴿إِنْ هِيَ إلا أَسْمَاءٌ سَمَّيتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾.

﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ﴾، قال مجاهد: قولهم. أي: ما هم عليه من الضلال والدعوة إليه آناء الليل وأطراف النهار كما قال تعالى: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾.


[١]- سقط من: خ.
[٢]- سقط من: خ.