للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفلك] [١] المستدير، وهذا واضح لمن تدبر ما وردت به الآيات والأحاديث الصحيحة ولله الحمد والمنة.

وذكر الشمس والقمر؛ لأنهما أظهر الكواكب السيارة السبعة، التي هي أشرف وأعظم من الثوابت، فإذا كان قد سخر هذه فلأن يدخل في التسخير سائر الكواكب بطريق الأولى والأحرى، كما نبه بقوله تعالى: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ مع أنه قد صرح بذلك [٢] بقوله: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.

وقوله: ﴿يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ أي: يوضح الآيات والدلالات الدالة على [٣] أنه لا إله إلا هو، وأنه يعيد الخلق إذا شاء كما ابتدأ خلقه.

﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)

لما ذكر تعالى العالم العلوي، شرع في ذكر قدرته وحكمته وإحكامه للعالم السفلي، وقيل: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ﴾ أي: جعلها متسعة ممتدة في الطول والعرض، وأرساها بجبال راسيات شامخات، وأجرى فيها الأنهار والجداول والعيون؛ ليسقي [٤] ما جعل فيها من الثمرات المختلفة الألوان والأشكال، واليوم والروائح ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ أي: من كل شكل صنفان.

﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ أي: جعل كلًّا منهما يطلب الآخر طلبًا حثيثًا، فإذا ذهب هذا غشيه هذا، وإذا انقضى هذا جاء الآخر، فيتصرف أيضًا في الزمان كما يتصرف [٥] أيضًا [٦] في المكان والسكان.


[١]- هذه العبارة مكررة في: خ.
[٢]- في خ: "ذلك".
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- في ز: لسقي.
[٥]- سقط من: خ. في ز: تصرف.
[٦]- زيادة من: خ.