وصفهم ومدحهم بذلك، وكل من الإنفاق والزكاة ممدوح به محمود عليه.
(قلت): كثيرًا ما يقرن الله تعالى بين الصلاة والإنفاق من الأموال؛ فإن الصلاة حق الله وعبادته وهي مشتملة على توحيده والثناء عليه، وتمجيده والابتهال إليه، ودعائه والتوكل عليه، والإنفاق هو [][١] الإحسان إلى المخلوقين بالنفع المتعدي إليهم، وأولى الناس بذلك القرابات والأهلون والمماليك ثم الأجانب، فكل من النفقات الواجبة والزكاة المفروضة داخل في قوله تعالى: ﴿ومما رزقناهم ينفقون﴾، ولهذا ثبت في الصحيحين (١٠٣) عن ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: "بُني الإسلام على خمس: شهادةِ أن لا إِله إلا الله، [وأن محمدًا رسول الله،][٢] وإقام الصلاة، وإيتاءِ الزكاةِ، وصوم رمضان، وحج البيتِ الحرام [٣] ". والأحاديث في هذا كثيرة.
وأصل الصلاة في كلام العرب: الدعاء، قال الأعشى:
لها حارس لا يبرحُ الدّهر بيتها … وإن ذُبِحَت صلَّى عليها وَزَمْزَما
وقال أيضًا [٤]:
وقابلها الريح في دنها … وصلى على دنها وارتسم
أنشدهما ابن جرير مستشهدًا على ذلك.
وقال الآخر [وهو الأعشى أيضًا][٥]:
تقول بنتي [٦] وقد قَربتُ مرتحلًا … يارب جنِّب أبي الأوصابَ والوَجَعَا
عليكِ مثلُ الذي صليت [٧] فاغتمضي … نومًا فإن لجِنَبِ المرء مُضطجعًا [٨]
يقول: عليك من الدعاء مثل الذي دعوت [٩] لي، وهذا ظاهر. ثم استعملت الصلاة في الشرع في ذات الركوع والسجود والأفعال المخصوصة في الأوقات المخصوصة، بشروطها المعروفة، وصفاتها وأنواعها المشهورة.
(١٠٣) - صحيح البخاري في كتاب الإيمان، باب: دعاؤكم إيمانكم برقم (٨)، وصحيح مسلم كتاب الإيمان، برقم ١٩ - (١٦).