وقد روى الإمام أَبو داود في سننه (٢٢٥)؛ حدَّثنا عبد الرحمن بن المبارك العيشي [١]، حدَّثنا سفيان بن حبيب، حدَّثنا شعبة، عن أبي العنبس، عن أبي الشعثاء، عن ابن عبَّاس؛ أن رسول الله، ﷺ، جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة.
وقد استقر الحكم في الأسرى عند جمهور العلماء؛ أن الإمام مخير فيهم، إن شاء قتل - كما فعل ببني قريظة - وإن شاء فادى بمال - كما فعل بأسرى بدر - أو بمن أسر من المسلمين - كما فعل رسول الله ﷺ فى تلك الجارية وابنتها اللتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع، حيث ردهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين الذين كانوا عند المشركين، وإن شاء استرق من أسر. هذا مذهب الإِمام الشَّافعي وطائفة من العلماء، وفي المسألة خلاف آخر بين الأئمة مقرر في موضعه من كتب الفقه.
قال محمد بن إسحاق: حدثني العباس بن عبد الله بن مغفل، عن بعض أهله، عن عبد الله ابن عبَّاس ﵄ أن رسول الله، ﷺ، قال يوم بدر:"إني قد عرفت أن أناسًا من بني هاشم وغيرهم، قد أخرجوا كرهًا، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي منكم أحدًا منهم - أي: من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله، فإنه إنما أخرج مستكرها" فقال أَبو حذيفة بن عتبة: أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشائرنا ونترك العباس؟! والله لئن لقيته لألجمنه بالسيف! فبلغت رسول الله، ﷺ، فقال لعمر بن الخطاب:"يا أبا حفص" - قال عمر: والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله ﷺ"أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف؟ " فقال عمر: يا رسول الله؛ ائذن لي فأضرب عنقه، فوالله لقد نافق. فكان أَبو حذيفة يقول بعد ذلك: والله ما آمن من تلك الكلمة التى قلت، ولا أزال منها خائفًا، إلا أن يكفرها الله عني بشهادة. فقتل يوم اليمامة شهيدًا ﵁.
وبه، عن ابن عبَّاس قال: لما أمسى رسول الله، ﷺ، يوم بدر،