للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾ [خبرًا أو حالًا] [١].

والقول الثاني: أن المراد أنه الله الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض: من سر وجهر، فيكون قوله ﴿يَعْلَمُ﴾ متعلقًا بقوله: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ﴾ تقديره: وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض ويعلم ما تكسبون.

والقول الثالث: أن قوله ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ وقف تام، ثم استأنف الخبر فقال: ﴿وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾ وهذا اختيار ابن جرير وقوله: ﴿وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ أي جميع أعمالكم خيرها وشرها.

﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٥) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٦)

يقول تعالى مخبرًا عن المشركين المكذبين المعاندين: أنهم مهما أتتهم ﴿مِنْ آيَةٍ﴾، أي: دلالة ومعجزة، وحجة [٢] من الدلالات على وحدانية الله [٣]، وصدق رسله الكرام، فإنهم يعرضون عنها، فلا ينظرون فيها ولا يبالون [٤] بها، قال الله تعالى: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ وهذا تهديد لهم، ووعيد شديد على تكذيبهم بالحق: بأنه لابد أن يأتيهم خبر ما هم فيه من التكذيب، وليجدن غِبَّه وليذوقن وباله.

ثم قال تعالى واعظًا ومحذرًا لهم: أن يصيبهم من العذاب والنكال الدنيوي ما حل بأشباههم ونظرائهم من القرون السالفة، الذين كانوا أشد منهم [٥] قوة وأكثر جمعًا، وأكثر أموالًا وأولادًا، واستغلالًا للأرض وعمارة لها، فقال: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ أي: من الأموال والأولاد، والأعمار والجاه العريض، والسعة والجنود، ﴿وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا﴾ أي: شيئًا بعد شيء ﴿وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي


[١]- ما بين المعكوفتين في ز: "خبر أو حال".
[٢]- فى ز: "وجهة".
[٣]- فى ز: "الرب".
[٤]- في خ، ز: "ولا يتأولون".
[٥]- سقط من: ز.