للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غضبان محمارٌّ وجهه، حتى جلس على المنبر فقام إليه رجل، فقال: أين أبي [١]؟ فقال [٢]: "في النار". فقام آخر فقال: من أبي؟ فقال: "أبوك حذافة". فقام عمر بن الخطاب فقال: رضينا بالله ربا، وبالإِسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا، وبالقرآن إمامًا، إنا يا رسول اللَّه حديثو عهد بجاهلية وشرك، والله أعلم من آباؤنا. قال: فسكن غضبه ونزلت هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم﴾ الآية.

إسناده [٣] جيد، وقد ذكر هذه القصة مرسلة غير واحد من السلف منهم: أسباط عن السدي أنه قال في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم﴾ قال: غضب رسول اللَّه يومًا من الأيام، فقام خطيبًا فقال: "سلوني فإنكم لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به". فقام إليه رجل من قريش من بنى سهم يقال له: عبد اللَّه بن حذافة وكان يطعن فيه، فقال: يا رسول اللَّه، من أبي؟ فقال: " أبوك فلان ". فدعاه لأبيه، فقام إليه عمر بن الخطاب فقبل رجله، وقال: يا رسول اللَّه، رضينا بالله ربًّا، وبك نبيًّا، وبالإِسلام دينًا، وبالقرآن إمامًا، فاعف عنا عفا اللَّه عنك. فلم يزل به حتى رضي، فيومئذ قال: " الولد للفراش وللعاهر الحجر " (٧٧٧).

ثم قال البخاري (٧٧٨): حدثنا الفضل بن سهل، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا أبو الجويرية، عن ابن عباس ، قال: كان قوم يسألون رسول اللَّه استهزاء، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنزل اللَّه فيهم [٤] هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم﴾ حتى فرغ من الآية كلها. تفرد به البخاري.


= ابن الربيع الأسدي، قال في "التقريب": صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. والحديث ذكره السيوطي فى الدر المنثور (٢/ ٥٩٢) وزاد نسبته للفريابي وابن مردويه.
(٧٧٧) - رواه ابن جرير الطبري (١١/ ١٠٢، ١٠٣) (١٢٨٠١)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٢١٩) (٦٨٨٢)، وذكره السيوطي فى الدر المنثور (٢/ ٥٩١) ولم يعزه لغير ابن جرير وابن أبي حاتم.
(٧٧٨) - رواه البخاري في "صحيحه" كتاب التفسير، باب: ﴿لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم﴾ حديث (٤٦٢٢)، ورواه ابن جرير (١١/ ٩٨) (١٢٧٩٤)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٢١٧، ١٢١٨) (٦٨٧٧)، والطبراني في الكبير (١٢٦٩٥) كلهم من طريق زهير أبي خيثمة عن أبي الجويرية به.