للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن جريج: القرآن أمين على الكتب المتقدمة، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منهما فهو باطل (٤٩٢).

وعن الوالبى، عن ابن عبَّاس: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ أي: شهيدًا. وكذا قال مجاهد، وقَتَادة، والسدي (٤٩٣).

وقال العرفي، عن ابن عبَّاس: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ أي: حاكمًا على ما قبله من الكتب (٤٩٤).

وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى، فإن اسم المهيمن يتضمن هذا كله فهو أمين، وشاهد، وحاكم على كل كتاب قبله، جعل الله هذا الكتاب العطم الذي أنزله آخر الكتب، وخاتمها، و [١] أشملها، وأعظمها، وأكملها [٢]، حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره؛ فلهذا جعله شاهدًا، وأمينا، وحاكمًا عليها كلها، وتكفل تعالى بحفظه [٣] بنفسه الكريمة، فقال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

فأما ما حكاه ابن أبي حاتم عن عكرمة، وسعيد بن جبير، وعطاء الخراساني، وابن أبي نجيح عن مجاهد: أنَّهم قالوا في قوله: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ يعني: محمدًا أمين على القرآن. فإنه صحيح في المعنى، ولكن في تفسير هذا بهذا نظر، وفي تنزيله عليه من حيث العربية أيضًا نظر، وبالجملة: فالصحيح الأول. قال أبو جعفر بن جرير بعد حكايته له عن مجاهد: وهذا التَّأويلِ بعيد من المفهوم في كلام العرب بل هو خطأ، وذلك أن المهيمن عطف على المصدق، فلا يكون إلا من صفة ما كان المصدق صفة له [] [٤] ولو كان الأمر [٥] كما قال مجاهد، لقال: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ [٦] مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ


(٤٩٢) - رواه ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ٣٧٨) (١٢١٠٦) ووقع فى المطبوع من تفسير ابن جرير بتحقيق الشيخ شاكر: وقال ابن جريج: وقال آخرون: القرآن أمين على الكتب فيما إذا أخبرنا أهل الكتاب فى كتابهم بأمر. كذا والصواب: قال ابن جريج وآخرون … الخ، وهو الذى يتناسب مع ما نقله ابن كثير هنا عن ابن جريج.
(٤٩٣) - روى ذلك عنهم ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ٣٧٧، ٣٧٨) (١٢١٠٣ م)، (١٢١٠٤) (١٢١٠٥)، (١٢١٠٦) والوالبى الذى يروى عن ابن عباس هو على بن أَبى طلحة.
(٤٩٤) - رواه ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ٣٧٩) (١٢١١٥).