للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان القرآن آمرًا بغسل الرجلين، كما في قراءة النصب، وكما هو [١] الواجب في حمل قراءة الخفض عليها [٢]- توهم بعض السلف أن هذه الآية ناسخة لرخصة المسح على الخفين، وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب، ولكن لم يصح إِسناده، ثم الثابت عنه خلافه، وليس كما زعموه، فإنه قد ثبت أن النبي مسح على [٣] الخفين بعد نزول هذه الآية الكريمة.

وقال الإِمام أحمد (٢٣٩): حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا زياد بن عبد الله بن علاثة، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن مجاهد، عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: أنا أسلمت بعد نزول المائدة، وأنا رأيت رسول الله يمسح بعدما أسلمت. تفرد به أحمد.

وفي الصحيحين (٢٤٠) من حديث الأعمش، عن إِبراهيم، عن همام قال: بال جرير، ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل: تفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيت رسول الله بال ثم توضأ، ومسح على خفيه. قال الأعمش: قال إِبراهيم: فكان يعجبهم هذا الحديث، لأن إِسلام جرير كان بعد نزول المائدة. لفظ مسلم.

وقد ثبت بالتواتر عن رسول الله مشروعيةُ المسح على الخفين، قولًا منه وفعلًا، كما هو مقرر في كتاب الأحكام الكبير، مع [٤] ما يحتاج إِلى ذكره هناك من تأقيت المسح، أو عدمه، أو التفصيل فيه، كما هو مبسوط في موضعه، وقد خالفت الروافض [ذلك كله] [٥] بلا مستند، بل بجهل وضلال. مع أنه ثابت في صحيح مسلم (٢٤١) من رواية أمير المؤمنين على بن أبي طالب


= رسول الله يفعل. ورواه أحمد (٤/ ٩، ١٠)، والطبراني (٦٠٦)، والطحاوى (١/ ٩٧)، من طريق شريك عن يعلى بن عطاء عن أوس عن أبيه أن النبي توضأ ومسح على نعليه. وهذا لفظ أحمد والحديث صححه العلامة الألباني في صحيح أبى داود (١٤٥).
(٢٣٩) - رواه في مسنده (٤/ ٣٦٣) والحديث في الصحيحين من طريق همام عن جرير، انظر الحديث التالى.
(٢٤٠) - رواه البخاري في صحيحه في الصلاة، باب: الصلاة في الخفاف، الحديث (٣٨٧)، ومسلم في الطهارة، باب: المسح على الخفين، الحديث (٢٧٢)، وفي رواية البخاري: قال إبراهيم: فكان يعجبهم لأن جريرًا كان من آخر من أسلم.
(٢٤١) - رواه مسلم في صحيحه في كتاب الطهارة، باب: التوقيت في المسح على الخفين، الحديث (٢٧٦) عن شريح بن هانئ قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك =