للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم [١] تُعْرَفْ، ثمَّ رأت غنمًا على نشز فأتتها فشامَّتها فلم تعرف".

ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ أي ومن صرفه عن طريق الهدى ﴿فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ فإنَّه ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ والمنافقون الذين أضلهم عن سبيل النجاة فلا هادي [٢] لهم، ولا منقذ لهم مما هم فيه، فإنَّه تعالى لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (١٤٤) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (١٤٦) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾

ينهى الله [٣] تعالى عباده المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، يعني [٤] مصاحبتهم ومصادقتهم، ومناصحتهم وإسرار المودَّة إليهم، وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم، كما قال تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ أي: يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه؛ ولهذا قال هاهنا: ﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ أي: حجة عليكم في عقوبته إياكم.

قال ابن أبي حاتم (٨٨٧): حدثنا أبي، حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قوله: ﴿سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ قال [٥]: كل سلطان


(٨٨٧) - تفسير ابن أبي حاتم (٤/ ٦١٥١) وإسناده صحيح، وزاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٤١٨) إلى عبد الرزاق، وابن مردويه.