للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالك، عن أبيه، عن النبي، ، قال: "لقد تركتم بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من واد، إلا وهم معكم فيه"، قالوا: [يا رسول الله كيف] [١]، يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: "حبسهم العذر".

لفظ أبي داود، وفي هذا المعنى قال الشاعر:

يا راحلين إلى البيت العتيق لقد … سرتم جسومًا وسرنا نحن أرواحًا

إنا أقمنا على عذر وعن قدر … ومن أقام على عذر فقد راحا

وقوله: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ أي: الجنة والجزاء الجزيل. وفيه دلالة على أن الجهاد ليس بفرض عين، بل هو فرض على الكفاية.

ثم قال تعالى: ﴿وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾، ثم أخبر بما فضلهم به من الدرجات، في غرف الجنان العاليات، ومغفرة الذنوب والزلات، وحلول [٢]، الرحمة والبركات، إحسانًا منه وتكريمًا، ولهذا قال: ﴿دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.

وقد ثبت في الصحيحين (٧٢٢)، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله، ، قال: "إن في الجنة مائة [٣]، درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض".


= قال ابن حجر فى "التغليق" (٣/ ٤٣٥) - ونحوه فى "فتح" (٦/ ٤٧) - عقب رواية أبى داود: "هذا عندى حديث صحيح لحسن سياقه، وجودة رجاله، من قد رجحه الإسماعيليّ ففال: حماد عالمٌ بحُمَيد، فيقدم فيه على غيره، ثم ساق (حديثه من طريق عفان بن حماد) قلت - ابن حجر -: وإنما رجح البخارى الإسناد الأول لتصريح زُهير عن حميد بسماعه له من أنس، وكذا رواه الإسماعيليّ من حديث معتمر بن سليمان عن حميدٍ "أنه سمع أنسًا" ولا مانع أن يكون حُميد سمعه من موسى بن أنس عن أبيه، ثم سمعه من أنس، بدليل أن سياقته عن موسى بن أنس أتم. والله تعالى أعلم".
(٧٢٢) - كذا عزاه للصحيحين من حديث أبى سعيد الخدري!!، ولم يخرجه من حديث أبى سعيد غير مسلم، كتاب: الإمارة، باب: كان ما أعده الله تعالى للمجاهد (١١٦) (١٨٨٤) بلفظ: " … وأخرى يرفَع بها العبدُ مائة درجة من الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض" قال: يا رسول الله؛ وَمَا هِيَ؟ قال: "الجهاد فى سبيل الله. الجهاد فى سبيل الله"، وأما اللفظ الذى أورده المصنف، فقد أخرجه البخارى، كتاب: الجهاد، باب: درجات المجاهدين فى سبيل الله (٢٧٩٠) من حديث أبى هريرة.