للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي بن مُقَدَّم، حدَّثنا حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عنْ ابن عبَّاس، قال: بعث رسول الله سرية فيها المقداد بن الأسود، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح، فقال: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأهوى إليه المقداد فقتله، فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلًا شهد أن لا إله إلَّا الله؛ والله لأذكرن ذلك للنبي، ، فلما قدموا على رسول الله، ، قالوا: يا رسول الله، إن رجلًا شهد أن لا إله إلَّا الله، فقتله المقداد، فقال: (ادعوا لي المقداد، يا مقداد، أقتلت رجلًا يقول: لا إله إلَّا الله، فكيف لك بلا إله إلَّا الله غدًا؟! " قال: فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا﴾ فقال رسول الله، ، للمقداد: "كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار، فأظهر إيمانه فقتلته، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل".

وقوله: ﴿فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ﴾ أي: خير مما رغبتم فيه من عرض الحياة الدنيا؛ الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام، وأظهر إليكم [١] الإِيمان؛ فتغافلتم عنه، واتهمتموه بالمصانعة والتقية لتبتغوا عرض الحياة الدنيا فما عند الله من المغانم الحلال خير لكم من


= (١٠/ ح ١٤٧) وابن حجر فى "تغليق التعليق" (٥/ ٢٤٢، ٢٤٣) - من طريق الحكم بن ظَبْيَان المازنى أَبو الحسن الدارقطني فى "الأفراد" - كما فى "الفتح"، لابن حجر (١٢/ ١٩٠) و "الدر المنثور" للسيوطى (٢/ ٣٥٧) - ومن طريقه رواه ابن حجر فى "التغليق" (٥/ ٢٤٣) من طريق محمد بن عبد الملك بن زنجويه، كلاهما (الحكم ومحمد) ثنا جعفر بن سلمة به.
وقال البزار: "لا نعلمه يُروى عن ابن عبَّاس إلَّا من هذا الوجه، ولا له عنه إلَّا هذا الطَّرِيقِ". وقال الدارقطني: "هذا حديث غريب من حديث سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس، تفرد به حبيب بن أبي عمرة، وتفرد به أَبو بكر بن علي بن مقدم، وهو أخو عمر بن علي، وأَبو بكر هذا والد محمد، وهو غريب الحديث ولم يذكره أحدٌ بجرح، وقد روى له النسائي - وهو من المتشددين - وروى عنه أيضًا عبد الله بن المبارك، والراوى عنه هنا وثقه أَبو حاتم وغيره، وذكر الحديث الهيثمى فى "المجمع" (٧/ ١١، ١٢) وغفل عن عزوه للطبرانى وقال: "رواه البزار، إسناده جيد"!! وقد تفرد المقدمى بوصله كما قال ابن حجر فى "التهذيب" (ترجمة جعفر بن سلمة) وخالف المقدمى، سفيان الثورى فرواه مرسلًا خرجه ابن أبي شيبة فى "المصنف" كما فى "التغليق" (٥/ ٤٤٣) ولم أهتد إليه فى المطبوع - وابن جرير فى تفسيره (٩/ ١٠٢٢٤) من طريق وكيع وعزاه له ابن حجر فى "الفتح" (١٢/ ١٩١) من طريق أبى إسحاق الفزارى، وأخشى أن يكون وهمًا، فالذي أخرجه من هذا الوجه: إنما هو الحارث كذا قال هو نفسه فى "التغليق"، ورواه الحارث بن أبي أسامة (رقم ٣/ بغية الباحث) من طريق أبي إسحاق الفزارى كلاهما (وكيع والفزاري) عن سفيان عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير قال =