للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما حرمت المخابرة: وهي المزارعة ببعض [١] ما يخرج من الأرض، والمزابنة: وهي اشتراء الرطب في رءوس النخل بالتمر علي وجه الأرض؛ والمحاقلة: وهي اشتراء الحب في سنبله في الحقل، بالحب علي وجه الأرض- إنما حرمت هذه [٢] الأشياء وما شاكلها [حسمًا لمادة الربا] [٣]، لأنه لا يعلم التساوي بين الشيئين قبل الجفاف؛ ولهذا قال الفقهاء: الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة، ومن هذا حرّموا أشياء بما فهموه [٤] من تضييق المسالك المفضية إلى الربا، والوسائل الموصلة إليه، وتفاوت نظرهم بحسب ما وهب الله لكل منهم من العلم. وقد قال تعالى: ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾.

وباب الربا من أشكل الأبواب على كثير من أهل العلم. وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : ثلاث وددت أن رسول الله، ، عهد إلينا فيهن عهدًا ننتهي إليه: الجد [٥]، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا (١٦٧٣) - يعني بذلك بعض المسائل التي فيها شائبة الربا.

والشريعة شاهدة بأن كل حرام فالوسيلة إليه مثله؛ لأن ما أفضي إِلى الحرام حرام، كما أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وقد ثبت في "الصحيحين" (١٦٧٤) عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله، ، يفول: "إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه".

وفي "السنن" (١٦٧٥)، عن الحسن بن علي قال: سمعت رسول الله، ، يقول: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".

وفي الحديث الآخر: "الإِثم ما حاك في القلب، وتردّدت فيه النفس، وكرهت أن يطلع عليه الناس" (١٦٧٦). وفي رواية: "استفت قلبك، وإن أفتاك الناس وأفتوك".


(١٦٧٣) - رواه البخاري في كتاب الأشربة حديث (٥٥٨٨)، ومسلم في التفسير حديث (٣٠٣٢).
(١٦٧٤) - صحيح البخاري، كتاب الإيمان حديث (٥٢)، وصحيح مسلم، كتاب المساقاة حديث (١٥٩٩).
(١٦٧٥) - سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة، حديث (٢٥١٨)، وسنن النسائي في الأشربة (٨/ ٣٢٧).
(١٦٧٦) - رواه أحمد في المسند (٤/ ٢٢٨) من طريق الزبير بن عبد السلام، عن أيوب، عن وابصة .