للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه الإِمام أحمد، عن حسن وعفان، كلاهما عن حماد بن سلمة له، و [١] في إسناده ضعف.

وقد روي البخاري عن سمرة بن جندب (١٦٦٩) - في حديث المنام الطويل-: "فأتينا على نهر- حسبت أنه كان يقول: أحمر مثل الدم- وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح [ما يسبح] [٢] ثم يأتي ذلك الذي قد جمع الحجارة عنده، فيغفر له فاه، فليقمه [٣] حجرًا. وذكر في تفسيره أنه آكل الربا.

وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ أي: إنما جوزوا بذلك لاعتراضهم علي أحكام الله في شرعه. وليس [٤] هذا قياسًا [٥] منهم للربا على البيع، لأن المشركين [٦] لا يعترفون بمشروعية أصل البيع الذي شرعه الله في القرآن، ولو كان هذا من باب القياس لقالوا: إنما الربا مثل البيع. وإنما قالوا: ﴿إِنَّمَا الْبَيعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ أي: هو نظيره، فلمَ حُرّم هذا وأبيح هذا؟ وهذا اعتراض منهم علي الشرع، أي: هذا مثل هذا، وقد أحل هذا وحرم هذا.

و [قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾] [٧] يحتمل أن يكون من [تمام الكلام] [٨] ردا عليهم، أي: على ما قالوه [٩] من الاعتراض، مع علمهم بتفريق الله بين هذا وهذا حُكمًا، وهو العليم الحكيم، الذي لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وهو العالم بحقائق الأمور ومصالحها، وما ينفع عباده فيبيحه لهم، وما يضرهم فينهاهم محنه، وهو أرحم بهم من الوالدة بولدها الطفل؛ ولهذا قال: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ أي: من بلغه نهي الله عن الربا، فانتهى حال وصول الشرع إليه، فله ما سلف من المعاملة؛ لقوله: ﴿عَفَا الله عَمَّا سَلَفَ﴾ وكما قال النبي يوم فتح مكة: "وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين، وأول ربا أضع ربا العباس" (١٦٧٠). ولم يأمرهم برد الزيادات المأخوذة في حال


(١٦٦٩) - صحيح البخاري، كتاب التعبير، باب: تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح، حديث (٧٠٤٧).
(١٦٧٠) - رواه مسلم في الحج (١٢١٨)، وأبو داود في المناسك (١٩٠٥)، وابن ماجه (٣٠٧٤). =