للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين يديه وجعل العصفور بيد غلام له في سطح داره والحمامة بيد آخر، وبعث طائرين برقعتين إلى قريتين معروفتين له بهما الأصحاب المنتدبين لهذه الأسباب فلمَّا تكامل مجلسه بمن يدخل عليه قال: يا بارش -يوهم أنه يخاطب شيطانًا اسمه بارش - خذ هذا الكتاب إلى قرية فلان فقد جرت بينهم خصومة فاجتهد في إصلاح ذات بينهم ويرفع صوته بذلك فَيُسَرِّحُ غلامه المترصد لكلامه العصفور الذي في يده فيرتفع الكتاب بحضرة الجماعة نحو السماء يرونه عيانًا من غير أن تدرك عيونهم البلفك فإذا ارتفع الكتاب نحو السطح جبذه غلامه فقيد العصفور وقطع البلفك؛ حتى لا يرى ويرسل طائرًا إلى تلك القرية ليصلح الأمر وكذلك يفعل بالحمامة ويتحقق هذا في القلوب ولا يبقى شك.

قال ابن عقيل: وإِنَّما ذكرت هذا لِيُعْلَمَ أنَّه قد ارْتَفَعَ القومُ إِلى التلاعُبِ بالأديانِ، فأَيُّ بقاءٍ للشريعةِ معَ هذه الحال (١)؟!

قال المصنف: قلت: وابن الشَّبَّاش كان يكنى أبا عبد الله، الشَّبَّاش هو أبوه وكان يكنى أبا الحسن، واسم الشَّبَّاش: علي بن الحسين بن محمد البغدادي توفي بالبصرة سنة أربع وأربعين وأربع مائة وكان الشَّبَّاش وأبوه وعمه مستقرين بالبصرة (٢).

وكانت مذاهبهم تَخْفَى على الناس، إلا أن الأغلب أنهم كانوا من الشيعة الإمامية والغلاة الباطنيَّة.

وقد ذكرتُ في "التاريخِ" عن ابن الشَّبَّاش أنَّ بعض أصحابه انكشفت له


(١) هذا الخبر مما نقله المؤلف من خط أبي الوفاء بن عقيل كما صرَّح بذلك في المنتظم ٨/ ١٥٣.
(٢) انظر: المنتظم ٨/ ١٥٢ وذكره ياقوت الحموي وسماه ابن الشباس وذكر أنه: جاء إلى أهل صَيْمَرة وهي بالبصرة على نهر معقل. فادعى عندهم أنه إله فاستخف عقولهم بترهات فانقادوا له وعبدوه. انظر: معجم البلدان ٣/ ٤٣٩.

<<  <   >  >>