للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: سمعت يحيى بن معاذ، يقول: اجْتَنِبْ صحْبَةَ ثلاثةِ أَصنافٍ مِن الناسِ: العُلماءِ الغافِلينَ، والفقراءِ المُداهِنينَ، والمُتصَوِّفةِ الجاهِلينَ منهم (١).

قال المصنف: وقد ذَكَرْنا في أَوَّلِ رَدِّنا على الصوفيَّةِ مِن هذا الكتابِ (٢) أَنَّ الفُقهاءَ أَنكروا بمصرَ على ذي النُّونِ ما كانَ يتكَلَّمُ بهِ، وبِبِسْطام على أَبي يزيدَ، وأَخرجوا أَبا سُلَيمانَ الدَّارانيَّ، وهَرَب مِن أَيديهِم أَحمدُ بنُ أَبي الحَوَاريّ وسَهْلٌ التُّسْتَرِيُّ؛ وذلك لأنَّ السَّلَفَ كانوا يُنَفِّرونَ مِن أَدْنى بدعةٍ، ويَهْجُرونَ عليها؛ تمسُّكًا بالسنةِ.

ولقد حدَّثَني أَبو الفتحِ بنُ السَّامَرِيِّ قال: جَلَسَ الفُقهاءُ في بعضِ الأربطةِ للعزاءِ بفقيهٍ ماتَ، فأَقْبَلَ الشيخُ أَبو الخطَّابِ الكلوذاني الفقيهُ متكئًا على يدي، حتى وقَفَ ببابِ الرِّباطِ، وقال: يَعِزُّ عليَّ لو رآني أَصحابنا القُدَماء وأَنا أَدخُلُ هذا الرباطَ.

قال المصنف : قلتُ: على هذا كانَ أَشياخُنا، فأَمَّا في زمانِنا فقد اصْطَلَحَ الذئبُ والغنمُ!

قالَ ابنُ عقيلٍ: ونقلت من خطبه (٣)، قال: أَنا أَذُمُّ الصوفيةَ لوجوِهٍ يُوجِبُ الشرعُ ذم من فعلها، منها:

° أَنَّهُم اتَّخَذوا مَناخَ البطالةِ وهي الأربطةُ، فانْقَطَعوا إِليها عن الجماعاتِ في المساجدِ، فلا هيَ مساجِدُ، ولا بيوتٌ، ولا خاناتٌ، وصمدوا فيها للبطالةِ عن أَعمالِ المعاشِ.

° وندبوا أَنفُسَهُم ندب البهائِم: للأكلِ، والشربِ، والرقصِ، والغناءِ، وعَوَّلوا


(١) نقل نحوه عن التستري المناوي في فيض القدير ٦/ ٤٠٥.
(٢) أشار المؤلف إلى ما قدمه وفصله عنهم في ذلك. انظر: تلبيس إبليس ص ٢١٨ - ٢١٩.
(٣) في (أ): من خطه.

<<  <   >  >>