للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

° قال (١): ومنهم من كان يعمل في الأوقات فيأكل كل يوم ثم يتدرج إلى يومين وثلاثة.

° قال (٢): والجوع ينقص دم الفؤاد فيبيضه وفي بياضه نوره، ويذيب شحم الفؤاد، وفي ذوبانه رقته، ورقته مفتاح المكاشفة.

وقد صنف لهم أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي كتابًا سماه "رياضة النفوس" (٣)، قال فيه (٤): ينبغي للمبتدئ في هذا الأمر أن يصوم شهرين متتابعين توبة من الله، ثم يفطر فيطعم اليسير ويأكل كسرة كسرة، ويقطع الإدام والفواكه واللذة، ومجالسة الإخوان، والنظر في الكتب، فهذه كلها أفراح للنفس، فيمنع النفس لذتها حتى تمتلئ غمًّا.

وقد أخرج لهم بعض المتأخرين الأربعينية: يبقى أحدهم أربعين يومًا لا يأكل الخبز، ولكنه يشرب الربوبات (٥) ويأكل الفواكه الكثيرة اللذيذة.

فهذه نبذة من ذكر أفعالهم في مطاعمهم يدل مذكورها على مُغْفَلها.


(١) المصدر نفسه (٢/ ٣٢٠).
(٢) لم أهتد إليه في قوت القلوب، لكنّي وجدته مقاربًا في إحياء علوم الدين (٣/ ٨٤).
(٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد ذكر في هذا الكتاب - يعني: ختم الولاية - ما هو خطأ وغلط، مخالف للكتاب والسنة والإجماع .. ثم قال: ومن أشنعها ما ذكره في كتابه "ختم الولاية" مثل دعواه فيه أنه يكون في المتأخرين من درجته عند الله أعظم من درجة أبي بكر وعمر، وغيرهما. ثم ساق له بعض المخالفات وردّ عليه فيها. عاش إلى سنة ٣٢٠ هـ. (طبقات الصوفية ص ٢١٧، الحلية ١٠/ ٢٣٣، مجموع الفتاوى ٢/ ٢٢٢ - ٢٢٤، السير ١٣/ ٤٣٩، لسان الميزان ٥/ ٣٠٨).
(٤) الرياضة وأدب النفس (ص ٦١ - ٦٢)، وفيه زيادات عمّا هاهنا.
(٥) الربوبات: هو دبس كل ثمرة، وهو سلافة خثارتها بعد الاعتصار والطبخ. لسان العرب (ربب).

<<  <   >  >>