للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المخادعةُ بالحيل الباطلة، والتخلصُ مما طلبه بالوسائل الفاسدة: من أعظم المعاصي له، وأقبحِ التجرُّؤ عليه، وجميعُ هذه الحِيَل التي دوَّنها أهلُ الرأي (١) هي ضدٌّ لما شرعه، وعنادٌ له، ومراوغةٌ لأحكامه، ومجادلةٌ باطلةٌ لما جاء في كتابه وسنة رسوله .

ومَن تفكَّر في الأمر كما ينبغي، وتدبَّره كما يجب، اقشعرَّ له جِلدُه، وقَفَّ (٢) عنده شعرُه؛ فإن هذا الذي وَضع للعباد هذه الحِيل، كأنه يقول لهم: «هذا الحكمُ الذي أوجبه اللَّهُ عليكم أو حرَّمه قد وجدتُ لكم منه مَخرجًا، وعنه مُتحوَّلًا بذِهني الدقيق، وفكري العميق: هو كذا وكذا!».

فهذا المخذولُ قد بلغ منَ التجرِّي (٣) على اللَّهِ تعالى مبلغًا يتقاصَرُ (٤) عنه الوصفُ؛ لأنه ذَهب يعاندُه ويُضادُّ ما تَعَبَّدنا بهِ بمجرد رأيه الفايل (٥) وتخيُّلِه الباطل، مُقِرًّا على نفسه بقَبيح صُنعِه، وأنه جاء بما يُريحُ العبادَ من الحُكم الشرعي؛ فإن كان مع هذا معتقدًا أن ذلك التحيُّلَ الذي جاء به يحلِّلُ الحرام،


(١) يعني أهل الرأي الباطل.
(٢) قفَّ: قام من الفزَع.
(٣) التجري: الجراءة.
(٤) يتقاصر: ينقص. والمراد: يعجز. (٥) الفايل: الضعيف.

<<  <   >  >>