للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إما أن لا يكون سبباً صحيحاً، كدعاء من لا يسمع ولا يبصر، ولا يغني عنك شيئاً. وإما أن يكون ضرره أكثر من نفعه.

فأما ما كان سبباً صحيحاً منفعته أكثر من مضرته، فلا ينهى عنه الشرع بحال. وكل ما لم يشرع من العبادات مع قيام المقتضى لفعله من غير مانع فإنه من باب المنهي عنه (١).

ثالثا: أن القصة التي ذكرها: «أن رجلاً جاء إلى قبر النبي فشكا إليه الجدب عام الرمادة، فرآه وهو يأمره أن يأتي عمر، فيأمره أن يخرج يستسقي بالناس»، فقوله: "فرآه" هذه رؤيا منامية وليست أمرا نبويًا، والرؤيا لا يؤخذ منها أحكامًا.

رابعا: أما النقل عن ابن القيم "فإذا كان هذا وهي - الروح- محبوسة في بدنها -أي في الحياة- فكيف إذا تجردت وفارقته … "؛ فإن كلام ابن القيم عن الروح وأحكامها، وليس في كلامه دعوى لسؤال الأموات والمقبورين من الصالحين بل إنه يحارب ذلك بشدة وينتقده ويصف فاعله بالشرك في الألوهية (٢).

ثم هو يقول: "وقد تواترت الرؤيا"، و"كم قد رئي- في النوم-" وكل هذا يدخل في باب الرؤيا الصالحة والمبشرات، وهذا كما يرى البعض رؤيا كثيرة يرى فيها النبي أو بعض الصالحين ويسئله عن أشياء ويرشده النبي إلى الصواب ويرشده الشيخ الصالح إلى الخير. وهي رؤيا منامية ولا يترتب عليها أحكام شرعية، وإنما يستأنس بها.

خامسا: أن احتجاجكم بكلام شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله-، يحتاج إلى أمرين: أحدهما: ثبوت ذلك عنهما. والثاني: معرفة معنى كلامهما (٣).

ثم إذا كنتم تستدلون بكلام ابن تيمية وابن القيم في هذه المسألة، فلماذا لا تستدلون ببقية كلامهم في مسائل التوحيد والشرك؟.

سادسا: أن مراد القوم من نقل هذا الكلام لابن تيمية وغيره هو الخلط بين إنكار


(١) اقتضاء الصراط المستقيم: ١/ ٧١٧ - ٧٢١ باختصار.
(٢) انظر: مدراج السالكين: ١/ ٣٥٣، وإغاثة اللهفان: ١/ ١٩٥، والداء والدواء: ١٨٤.
(٣) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ١ - ١٣٧ - ١٣٨.

<<  <   >  >>