[المطلب السادس: دعوى الغلو في تضخيم أبواب التوحيد]
من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ دعوى أن الإمام وأتباعه يغالون في تضخيم أبواب التوحيد وذلك على حسب الأبواب الأخرى من المحبة الوجدانية للنبي ﷺ، ومعرفة حقوقه ومحبة آل البيت.
يقول الحسن بن علي الكتاني من المسائل التي غلا فيها الوهابية:" تضخيم أبواب التوحيد على غيرها: تكلم النجديون كثيراً في مسائل التوحيد العملي والتحذير من الشرك ونواقض الإسلام، ونبذ البدع، وهذه الأمور كانت أساس دعوتهم كلها.
غير أنه حصل لديهم تضخيم في ذلك الجانب على حساب جوانب أخرى مثل تنمية المحبة القلبية الوجدانية للحبيب المصطفى ﷺ ومعرفة حقوقه، ومحبة آل بيته واحترامهم ومعرفة حقهم.
والنجديون ما كانوا ينكرون شيئاً من ذلك. غير أن تحذيرهم الشديد من الغلو وإطراء رسول الله ﷺ، والتحذير مما يفعله الناس عند قبره الشريف، نفسي فداه، وما يكون في قصائد المديح النبوي من استغاثة واستشفاع، - مع المبالغة في النهي عن التوسل بذاته الشريفة، وشد الرحال لزيارة القبر المبارك، وإقامة حفلات الموالد وما إلى ذلك.
أضف إليه الحرب الطاحنة التي قامت بين النجديين وبين أشراف الحجاز، وتحذيرهم من الاعتماد على الأنساب دون الأعمال - كل ذلك لم يقابل بمنهج علمي سني منضبط يعوض عما يستنكرونه، فتولد ذلك نقص في هذا الجانب، بل جفاء عند كثير من عوامهم، فإذا سمعوا شعراً في المديح النبوي خافوا من الشرك، وإذا سمعوا كثرة الصلاة والسلام عليه حذروا من الغلو، وإذا تكلمت عن فضائل آل البيت توجسوا خيفة من التشيع، وإذا جاءت ذكرى مولده الشريف حذروا من بدع الموالد" (١).
ويقول سعود المولى بعد أن ذكر دعوة الإمام وما ترتب عليها من أثر في الجماعات
(١) مباحث في العذر بالجهل وإقامة الحجة: ٣١٧ - ٣١٨.