المطلب الثامن: دعوى الفرار من إثبات الأْبعَاض لله، وتسميتُها بالأعيان
من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ دعوى إثبات الأبعاض لله ﷿، وأن الصفة مرادفة للبعض والعضو، وأنهم فروا من لفظ الأبعاض إلى استخدام لفظ الأعيان، لما يترتب على إثبات الأبعض من فساد.
يقول عثمان النابلسي: "إذا نفى أحد الوهابية كون (عين) الله - تعالى وتقدس عن ترهاتهم - عضواً أو بعضاً أو درجة، فهو إنما ينفي كونها عضواً مشابهاً لأعضاء المخلوقين في الكيفيات، وينفي كونها عضواً بمعنى ما سبق تفرّقه أو أمكن تفريقه، وهو في الحقيقة ينفي لفظ العضو مع إثباته معناه، ولك أن تتعجب من عدم إثباتهم الأجزاء والأبعاض لله تعالى عندما تعرف معنى الأجزاء والأبعاض عندهم، فقال ابن عثيمين في فتاواه (٨/ ٩٥):
(لا نقول إنها أجزاء وأبعاض، بل نتحاشا هذا اللفظ، لكن مسماها لنا أجزاء وأبعاض، لأن الجزء والبعض: ما جاز انفصاله عن الكل! فالرب ﷿ لا يتصور أن شيئًا من هذه الصفات التي وصف بها نفسه -كاليد- أن تزول أبداً، لأنه موصوف بها أزلاً وأبداً، ولهذا لا نقول: إنه أبعاض وأجزاء) …
فانظر فهمهم للفظ الجزء والبعض والعضو لتعرف معناها المنفي عندهم عن الله تعالى، فيرون أن الجزء ما جاز انفصاله عن الكل، مع أن هذا المعنى ليس مدلولاً للفظ الجزء أو البعض أو العضو لا لغة ولا شرعاً، وهذا القيد الذي جعلوه شرطاً لمعنى الجزء ليس معروفاً عند أهل اللسان العربي، أما معنى الجزء المعروف فهم يثبتونه مع تحاشيهم لفظه، فيرون أن ذات الله تعالى مجتمعة من أجزاء مع رفضهم إطلاق لفظ (الأجزاء) واستبدالهم مكانه لفظ (الأعيان)، لكن هذه الأعيان لم تكن متفرقة ثم اجتمعت ويستحيل أيضاً أن تتفرق وتنفصل بعد كونها مجتمعة، بل ذات الباري -سبحانه- مجتمعة من تلك الأعيان منذ الأزل إلى الأبد، وهذه الأعيان من الصفات الذاتية الواجبة لله تعالى عندهم! وهذا في الحقيقة هو التجسيم بعينه …
فذات الله تعالى عند التيمية الوهابية مجتمعة وجامعة لأعيان، وهم وإن كانوا يعترفون بأن الجسم هو الشيء المجتمع المؤلف، لكنهم -ليفروا من التجسيم- أضافوا قيداً لم يعرفه أهل اللغة،