للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: الهدف الاجتماعي:

إن تأثير دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب هذه الدعوة المباركة- لم يقتصر على جانب دون جانب (١)؛ فكما كان لها الأثر الديني والسياسي والاقتصادي فكذلك كان لها الأثر الاجتماعي، فصلحت أحوال الناس واستقامت أمورهم. وهذا الصلاح والاستقامة كان له الأثر على المناوئين لدعوة الإمام؛ لأن الناس تركت ما كان يعتاده هؤلاء المناوئون من طلب العلو على الناس والتقديس لهم والترفع عليهم، وتقديمهم وتبجيلهم وتعظيمهم وتقبيل أيديهم وأقدامهم … ، ودعوة الإمام تنزل الناس منازلهم، من غير إفراط ولا تفريط، وتمنع كل مظاهر تخالف الأخلاق والآداب الإسلامية، ولذا فأي دعوة تخالف ما اعتاد عليه هؤلاء فإنها تعادى وتحارب. ولذلك حوربت هذه الدعوة المباركة بحجة أنها تنتقص الأولياء وتقلل من شأنهم، وانظر حال الرافضة والصوفية مع اتباعهم يظهر لك هذ الأمر واضحًا جليا (٢).

كما أن من الثابت أن لأهل البدع في بعض البلدان الإسلامية نفوذا فيها، فمنهم: الوزراء، ورجال الأعمال، وأساتذة الجامعات وغير ذلك. وهذا النفوذ يسهل لهم ممارسة الأنشطة والدعوة إلى بدعهم وعقائدهم، ووجود هذه الدعوة المباركة يكشف حقيقتهم وبدعهم، ويؤثر على نفوذهم ومكانتهم ونشاطهم؛ فكان لظهور هذ الدعوة المباركة - وهم على حالهم من العقائد الفاسدة والبدع الضالة- لا يجعل لهم مكانة، ولا يتولون سلطة - وخصوصًا المناصب الدينية-؛ وذلك أن طوائف من أهل الأهواء يعلمون أن كثيراً مما يقولونه كذب، ولكنهم يقولون به ويعتقدونه فيه طلباً للرياسة (٣). فقد صار لهم هوى أن ينتصر جاههم أو رياستهم وما نُسب إليهم (٤). والذي يتأمل الحركات المنحرفة في القديم والحديث يجد أن الدافع في كثير منها هو تحصيل شيء من الدنيا كمال أو جاه أو زعامة أو سلطة وإنما جعلت المذهب


(١) انظر: عقيدة محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي: ٢/ ٨٦٤.
(٢) انظر: حركة التصوف في الخليج العربي: ٢٠١ - ٢٠٣.
(٣) منهاج السنة: ٥/ ١٦٢.
(٤) المرجع السابق: ٥/ ٢٥٥.

<<  <   >  >>