للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: دعوى جعلُ الإمامةِ من أُسس التوحيد

من الدعاوى المعاصرة التي أثيرت ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوى أن دعوة الإمام جعلت الإمامة من أسس التوحيد.

يقول عبد الغني الماروي: " على أن الخطاب الإسلامي والسلفي على وجه الخصوص يكاد لا يرى الدولة إلا من منظار الإمامة والحكم وحسب، وهذا ما جعله يصوغ مواقفه من الدولة على قاعدتي الطاعة وعدم الخروج على الحاكم، والولاء والبراء، فهناك دولة مسلمة ودولة كافرة، وهناك نظام كافر وآخر مؤمن، وهناك مؤمنون وكفار.

ويمكن القول: إن الخطاب السلفي يرتكز على ثلاثة مفاهيم رئييسة عند مقاربة مسألة الدولة، وهذه المفاهيم هي: التوحيد، والفتنة، ومبدأ الولاء والبراء. فمفهوم التوحيد لا يشير لوحدانية الله وعدم الشرك به وحسب، وإنما يمتد لكل ما له صلة بوحدة المجتمع المسلم والمسلمين بشكل عام. ويلحظ أحمد موصللي هذه الثنائية الدينية/ السياسية فيما يتعلق بالتوحيد الذي يعد أساس العقائد كما يعد أساس النظرية السياسية عند الأصوليين، فالخضوع لله لا يتوقف فقط على الناحية العقائدية بل هو خضوع سياسي في نفس الوقت [كذا] وبالدرجة الأولى، وعليه يصطبغ مفهوم التوحيد بصبغة سياسية مما يؤدي إلى قياس الممارسة السياسية بمقاييس غير تقليدية (١).

ومن هنا، لا تزال تسيطر فكرة الدولة الواحدة وفكرة القائد الواحد على أغلب اجتهادات التيارات السلفية. ويشير الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، وهو وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في السعودية لهذا المعنى بوضوح، ففي محاضرة له منشورة بعنوان "أسس بناء الدولة عند الإمام محمد بن عبد الوهاب" اعتبر أن من أسس بناء الدولة الإسلامية وجود قائد، فالولاية في المفهوم الشرعي هو ما فيه مصلحة اجتماع المسلمين عليه،


(١) أحمد موصللي، قراءة نظرية تأسيسية في الخطاب الإسلامي: نظريات المعرفة والدولة والمجتمع (بيروت: الناشر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلام، ١٩٩٣ م): ص ٢٥.

<<  <   >  >>