للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليّ، فو الله إني لمضطجعة إذ مرّ بي صفوان بن المعطّل السلمي - وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته فلم يبت مع الناس - فرأى سوادي فأقبل حتى وقف عليّ - وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب - فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ ظعينة (١) رسول الله وأنا متلففة في ثيابي - فقال: ما خلّفك يرحمك الله؟ قالت: فما كلّمته، قالت: ثم قرّب البعير فقال:

اركبي، واستأخر عني، فركبت، فأخذ برأس البعير وانطلق سريعا يطلب الناس، فو الله ما أدركنا الناس وما افتقدت (٢) حتى أصبحت، ونزل الناس، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي، فقال أهل الإفك ما قالوا، فارتجف (٣) العسكر، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك، ثم قدمنا المدينة فلم أمكث أن اشتكيت شكوى شديدة ولا يبلغني من ذلك شيء، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله وإلى أبويّ، ولا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا، إلاّ أني قد أنكرت من رسول الله بعض لطفه بي، كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي، فلم يفعل ذلك (بي) (٤) في شكواي تلك، فقد أنكرت ذلك منه، كان إذا دخل وعندي أمّي تمرّضني قال «كيف تيكم؟» لا يزيد على ذلك، حتى وجدت في نفسي، فقلت يا رسول الله - حين رأيت ما رأيت من جفائه لي - لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرّضتني؟


(١) الظعينة: تطلق الظعينة على الزوجة، تقول «هي ظعينة فلان أي امرأته؛ لأن الرجل يظعن بها أي يرتحل.
(٢) في الأصل «وفقدت» والمثبت عن السيرة لابن هشام ٢٩٨:٢.
(٣) كذا في الأصل وفي ابن هشام ٢٩٨:٢، فارتج العسكر، أي تحرك واضطرب،
(٤) الإضافة عن ابن هشام ٢٩٨:٢.