للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال «لا عليك» قالت: فانتقلت إلى أمي، ولا أعلم بشيء مما كان حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة، وكنّا قوما لا نتخذ الكنف (١) في بيوتنا التي يتخذها الأعاجم؛ نعافها ونكرهها. إنا كنا نذهب في فسح المدينة، وإنما كانت النساء يخرجن كل ليلة في حوائجهن، فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح بنت أبي رهم ابن عبد المطلب بن عبد مناف، وكانت أمها بنت صخر (٢) بن عامر ابن كعب بن سعد بن تيم، خالة أبي بكر الصديق ، قالت: فو الله إنها لتمشي معي إذ عثرت في مرطها (٣) فقالت: تعس مسطح. قالت فقلت: بئس لعمر الله ما قلت لرجل من المهاجرين قد شهد بدرا. قالت: أو ما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر؟ قالت (قلت) (٤) وما الخبر؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك، قلت: أو قد كان هذا؟ قالت: نعم، والله لقد كان. قالت: فو الله ما قدرت (على) (٥) أن أقضي حاجة، ورجعت، فو الله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي، وقلت لأمي: يغفر الله لك؛ تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لي شيئا من ذلك، قالت: أي بنيّة خفّضي عليك (الشأن) (٦) فو الله لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا أكثرن وأكثر الناس عليها (٧). قالت: وقد


(١) جمع كنيف: وهو السترة أو الساتر، ويطلق على المرحاض فإنه يستر قاضي الحاجة (أقرب الموارد).
(٢) في الأصل «أم صخر بنت صخر بن عامر» والمثبت عن أسد الغابة ٦١٨:٥، وابن هشام ٢٩٩:٢، وهي سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
(٣) المرط: الكساء (السيرة لابن هشام ٢٩٩:٢).
(٤) الإضافات عن السيرة النبوية لابن هشام ٢٩٩:٢، ٣٠٠.
(٥) الإضافات عن السيرة النبوية لابن هشام ٢٩٩:٢، ٣٠٠.
(٦) الإضافات عن السيرة النبوية لابن هشام ٢٩٩:٢، ٣٠٠.
(٧) في السيرة النبوية لابن هشام ٣٠٠:٢ «إلا كثرن وكثر الناس».