للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصنع، فخرج سهمي عليهن، فخرج بي معه قالت: قال وكان النساء إذ ذاك إنما يأكلن العلق فلم يهجهن (١) اللحم فيثقلن، وكنت إذا رحّل لي بعيري جلست في هودجي، ثم يأتيني القوم ويحملونني (٢)، فيأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدونه بحباله ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به، فلما فرغ رسول الله من سفره ذلك وجه قافلا، حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل، ثم أذّن في الناس بالرحيل فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد فيه جزع ظفار (٣) فلما فرغت انسلّ من عنقي ولا أدري، فلما رجعت إلى الرّحل ذهبت ألتمس ما في عنقي فلم أجده - وقد أخذ الناس في الرحيل - فرجعت إلى مكاني فالتمسته حتى وجدته، وجاء القوم خلافي - الذين كانوا يرحّلون بي البعير وقد فرغوا من رحلته - فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع، فاحتملوه فشدوه على البعير ولم يشكوا أني فيه، ثم أخذوا برأس البعير فساروا به، فرجعت إلى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب، فانطلق الناس. قالت: فتلفّفت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني، وعرفت أني لو افتقدت قد يرجع


(١) يهجهن اللحم: أي يكثر عليهن ويكون كالورم في الجسم (السيرة لابن هشام ٢٩٧:٢).
(٢) في الأصل «يحملوني» والتصويب عن سيرة ابن هشام ٢٩٧:٢.
(٣) في الأصل «جزع أظفار» بالهمز وهي رواية لأبي ذرّ عن المستملي، والمثبت عن ابن هشام ٢٩٨:٢، وإرشاد الساري بشرح صحيح البخاري ٣٣٨:٦ حيث ورد فيه «وقد صوّب الخطابي أظفار بحذف الهمزة وكسر الراء مبنيا كحضار مدينة باليمن» والجزع خرز يمني، وظفار مدينة باليمن قرب صنعاء، وفي رواية عروة عنها في الصحيح:
أنها استعارتها من أسماء أختها (شرح المواهب للزرقاني ١٠١:٢).