حدثني أحمد بن معاوية، عن رجل من قريش، عن ابن غزية قال: كانت لبني قينقاع سوق في الجاهلية تقوم في السنة مرارا، وكانت عند مسجد الذبح (١) إلى الآطام التي خلف النخل، فهبط إليها نابغة بني ذبيان يريدها، فأدرك الربيع بن أبي حقيق هابطا من قريته يريدها، فتسايرا، فلما أشرفا على السوق سمعا الضجة، وكانت سوقا عظيمة يتفاخر الناس بها، ويتناشدون الأشعار، فحاصت ناقة النابغة حين سمعت الصوت، فزجرها وأنشأ يقول:
كادت تهد من الأصوات راحلتي ..
أجز يا ربيع. فقال:
والثّغر منها إذا ما أوجست خلق فقال النابغة:
لولا أنهنهها بالسّوط لانتزعت ..
أجز يا ربيع. فقال:
مني الزمام وإني راكب لبق فقال النابغة:
قد ملّت الحبس بالآطام واشتعفت أجز يا ربيع. فقال:
تريغ أوطانها لو أنها علق فقال: لا تعجل، تهبط السوق وتلقى أهلها، فإنك ستسمع شعرا لا تقدّم عليه شعرا. فقال: شعر من؟ قال: حسان بن ثابت.
(١) مسجد الذبح: علق عليه في الهامش لوحة ٩٣ من الأصل ليس في المساجد ما هو مسمى بذلك ولعله مسجد الشيخ، إذ هو في جهة بني قينقاع وهو أقرب شيء.