والحمى» (١).
وعن عبد الله بن مسعود ﵁، قال: «جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحب قوما ولما يلحق بهم؟ قال رسول الله ﷺ: «المرء مع من أحب» (٢).
إن شهادة التوحيد معناها البراءة من كل ما يعبد من دون الله من الآلهة، والطواغيت، ودعاتها، والولاء لهذه الكلمة ولأهلها، يقول ابن القيم ﵀ مبيناً حقيقة التوحيد: "وحقيقته أيضا البراء والولاء، البراء من عبادة غير الله، والولاء لله" (٣).
وقد ذكر العلماء ﵏ أن الكلمة التي ذكرها الله ﷿ في كتابه في قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الزخرف: ٢٦ - ٢٨] والكلمة الباقية هي كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، ومعناها أن الله ﷿ جعل الموالاة والبراءة من كل معبود سواه، كلمة باقية في ذرية إبراهيم يتوارثها الأنبياء وأتباعهم، بعضهم عن بعض (٤).
فهذه الكلمة التي بعث الله بها الأنبياء، وجعلها الله ﷿ كلمة في عقب إبراهيم يتوارثها الأنبياء وأتباعهم، كلمة لا إله إلا الله هي الولاء والبراء، وما يترتب عليها
من أحكام.
وقال الله تعالى في قصة نوح ﵇ وابنه لبيان هذه الحقيقة العظيمة، وهي الولاء والبراء على التوحيد في قول الله ﷿ لنوح: ﴿قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦)﴾ [هود: ٤٦].
يقول الطبري ﵀ في تفسير هذه الآية: "عن الضحاك أنه قرأ: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ قال: يقول: ليس هو من أهلك. قال: يقول: ليس هو من أهل ولايتك، ولا ممن
(١) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، برقم: ٦٠١١.
(٢) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب المرء مع من أحب، برقم: ٢٦٤٠.
(٣) مدارج السالكين: ١/ ١٨٦.
(٤) انظر: تفسير ابن كثير: ٧/ ٢٢٥، وتفسير السعدي: ٧٦٤.