للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالاعتراض هو على حصر الأحكام الشرعية في مدرسة واحدة ورفض الباقي، وهذا غلو في فهم طبيعة الفقه علمياً وعملياً، كما سبق القول بأن فقهاء الصحابة والتابعين تنوعت اجتهاداتهم دون اعتراض أحد منهم على الآخر، أي إن هذه المنهجية المتشددة في رفض الاجتهاد الإسلامي الآخر هي بدعة بحد ذاتها" (١).

حقيقة هذه الدعوى:

هي محاولة بيان أن الخلاف بين المناوئين والإمام خلاف فقهي متشدد، وأن الإمام وأتباعه غلو في هذا الجانب، وانتقل الأمر من الخلاف العلمي النظري إلى استخدام القوة المادية ضد المخالفين.

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: أن الإمام بين حقيقة الخلاف بينه وبين المناوئين لدعوته، وأن الخلاف ليس فقهيا، وإنما الخلاف عقدي، وأنه يعتمد في قوله ذلك على الكتاب والسنة وما أجمع عليه أهل العلم من كل مذهب، فيقول: "وبالجملة فالذي أنكره الاعتقاد في غير الله مما لا يجوز لغيره، فإن كنتُ قلته من عندي فارم به، أو من كتاب لقيته ليس عليه العمل فارم به كذلك، أو نقلته عن أهل مذهبي فارم به، وإن كنت قلته عن أمر الله ورسوله وعما أجمع عليه العلماء في كل مذهب فلا ينبغي لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُعرض عنه لأجل أهل زمانه أو أهل بلده أو أن أكثر الناس في زمانه أعرضوا عنه" (٢).

وقال في أحد رسائله التي راسل بها العلماء: " وأخبرك أني ولله الحمد متبع ولست بمبتدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة، الذي عليه أئمة المسلمين؛ مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة، لكني بينت للناس إخلاص


(١) الحركة الوهابية في ميزان التأصيل السلفي والإصلاح السياسي، ضمن كتاب الوهابية والسلفية الأفكار والآثار: ١٢٣ - ١٢٤. وانظر: تاريخ المملكة العربية السعودية في ماضيها وحاضرها: ١/ ٤٢ - ٦٨، والإسلام الوهابي في مواجهة تحديات الحداثة: ٤٢، حقول الدم: ٥٥٣، ووهابي خارج الدائرة: ٩٧ - ٩٨، والجماعات الإسلامية والعنف موسوعة الجهاد والجهاديين: ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٢) الدرر السنية: ١/ ٧٦.

<<  <   >  >>