أنا يا أمير المؤمنين. قال: فابذل فإنها متيسرة. قال: كذا وكذا.
قال: قد زوّجناكها، فعجّل. فوثب فجاء بصداقها فدفعه إلى عمر ﵁. فدخل عمر ﵁ بيته فقال: أين بنيّتي؟ قيل: هي ذه. فجاءت فقال: يا بنيّة ابسطي حبوتك (١)، فبسطت مقدّم ثوبها فنثر فيه الدراهم وقال: قولي اللهم بارك لي. قالت:
وما هذه الدراهم يا أبتاه؟ قال: هذه صداقك من عثمان بن عفان.
فنثرتها وقالت: وا سوأتاه. فقال لحفصة: يا أختاه صفّروا يديها، واصبغوا لها ثوبين، وتصدقي يا بنية من صداقك على بعض قومك، ثم قال لحفصة: اخرجي بها الليلة حتى تدفعيها إلى عثمان. فخرجت بها، فقال عمر ﵁: والله إنها لأمانة في عنقي وما ندري ما يحدث عليها. فخرج حتى لحقها، ثم مضى حتى دقّ على عثمان ﵁ فقال: هذه زوجتك. فبنى عليها عثمان ﵁، فقعد عندها فأطال، فدخل عليه سعيد بن العاص فقال: يا أبا عبد الله لقد أقمت عند هذه الدّوسيّة إقامة ما كنت تقيمها عند النساء! قال: إنه والله ما من خلة أشتهي أن تكون في امرأة إلا وقد وجدتها فيها إلا خلّة؛ وجدتها صغيرة، أخاف ألا يكون لها ولد. قال:
فابتسمت ابتسامة سمعها عثمان ﵁، فلما قام سعيد رفع عثمان ﵁ عنها الحجاب فقال: ما أضحكك يا بنت عمر؟ فقالت: لا شيء. قال: لتخبريني. قالت: سمعت مقالتك لابن عمّك، والله إني لمن نسوة ما دخلت منهن امرأة على رجل شريف
(١) الحبوة: ما يحتبي به من ثوب ونحوه «المعجم الوسيط».