فإني قد سهدت في سفري، فلبث ثلاثا ثم خاصم قدامة في بيت عمر، وعند عمر ﵁ زينب بنت مظعون، وهي أم حفصة وعبد الله ابني عمر، فتراجعا فكان أبو هريرة ﵁ أطولهما لسانا، ففزعت بنت مظعون فقالت: لعنك الله من شيخ طويل اللسان ظالم. فقال: أبو هريرة: بل لعنك الله من عجوز حمراء رمضاء بذيء لسانها فاحشة في بيتها، فقال قدامة: يا أمير المؤمنين سله لم جلدني؟ قال: جلدتك بالذي رأيت منك، قال: هل رأيتني أشرب الخمر؟ قال: لا. قال عمر ﵁: الله أكبر قال أبو هريرة ﵁: يرحم الله أبا بكر؛ تشتمني زوجتك وتقضي بيني وبين ختنك في بيتك، وتعين عليّ بالتكبير؟! فقال عمر ﵁: فقوموا، فقاموا جميعا حتى جلسنا في المسجد، واجتمع عليهم الناس فقال قدامة: أنشدك الله هل رأيتني أشرب الخمر؟ قال: لا. قال: فهل رأيتني أشتريها؟ قال: لا. قال: فهل رأيتني أحملها؟ قال: لا، قال: فهل رأيتها تحمل إليّ؟ قال: لا، قال:
الله أكبر؛ ففيم جلدتني؟ قال: جلدتك أني رأيتك تقيئها، تخرجها من بطنك، فمن أين أدخلتها؟ قال: قدامة: وإنك بالخمر لعالم؟! قال: نعم والله، ولقد كنت أشربها، ثم ما شربتها بعد ما بايعت رسول الله ﷺ، قال عمر ﵁: ثب إلى الله يا قدامة، اللهم صدق وكذبت وبرّ وفجرت، تب إلى الله.
وكان ابن جندب الهذلي أتاه بالبحرين فوصله، فلما ضربه عمر ﵁ في الشراب قال ابن جندب:
أؤمل خيرا من قدامة بعدما … علا السوط منه كلّ عظم ومفصل