للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هل من أحد أمتّ إليه برحم أو بمودّة أرجو إن خرجت إليه أن أصيب منه شيئا؟ فما ذكرت أحدا، فقلت: الرزق بيد الله، فخرجت حتى قدمت دمشق، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد فعمدت إلى أعظم حلقة رأيتها فيه وأكثرها هيئة فجلست إليهم، فإني لجالس معهم إذ أقبل رجل كأجمل الرجال وأحسنهم هيئة، فلما رآه القوم تحججوا (١) له وأوسعوا، وإذ هو قبيصة (٢) بن ذؤيب، فقال: لست أجلس، لقد جاء أمير المؤمنين اليوم كتاب ما جاءه مثله مذ استخلفه الله، قالوا: وما ذاك؟ قال كتب إليه عامله على المدينة هشام بن إسماعيل يذكر أن ابنا لمصعب بن الزبير توفي وترك أمّ ولد له، فأراد عروة بن الزبير بيعها فأشكل على أمير المؤمنين حديث سمعه من سعيد بن المسيّب لا يدري كيف هو، قلت: أنا أحدثك ما رأيت فلنقم. قال: قم، قال: قمت وأخذ بيدي فخرجنا حتى جاء إلى باب عبد الملك فقال: السلام عليكم، فقال عبد الملك محييا: وعليكم السلام، فقال أندخل؟ قال: ادخل، قال: فدخل وهو آخذ بيدي فقال: يا أمير المؤمنين هذا يحدثك الحديث الذي سمعته من سعيد ابن المسيّب، قال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم، قال: اقرأ، فقرأت، قال: وسألني عن شيء من الفرض، ثم سألني عن الحديث فقال: كيف حدثك سعيد بن المسيّب؟ قلت: يا أمير المؤمنين، حدثني سعيد: أن عمر بن الخطاب كان رأى في أمهات


(١) تحججوا: أي قصدوا إليه وأوسعوا. (أقرب الموارد).
(٢) هو قبيصة بن ذؤيب بن طلحة الخزاعي من بني قمير ويكني أبا إسحاق، وكان ثقة. روى عنه الزهري. وكان على خاتم عبد الملك بن مروان وتوفي بالشام سنة ست أو سبع وثمانين في آخر خلافة عبد الملك. (طبقات ابن سعد ٤٤٧:٧).