للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دينك الذي أنت عليه! قال: أفلا أدلّك على العجب يا عمر؟ إن ختنك (١) وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه، قال:

فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما. وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خبّاب. قال: فلمّا سمع خبّاب (٢) حسّ عمر توارى في البيت، فدخل عليهما فقال: ما هذه الهينمة (٣) التي سمعتها عندكم؟ قال:

وكانوا يقرءون «طه» فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا. قال:

فلعلكما قد صبوتما، قال فقال له ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ قال فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئا شديدا، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها، فنفحها بيده نفحة فدمّى وجهها، فقالت وهي غضبي: يا عمر، أن كان الحقّ في غير دينك!! أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. فلما يئس عمر قال:

أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه - قال، وكان عمر يقرأ الكتب - فقالت أخته: إنك رجس، و «لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ».

فقم فاغتسل أو توضّأ، قال: فقام عمر فتوضّأ ثم أخذ الكتاب،


(١) الختن: هو الصهر المتزوج ابنة الرجل أو أخته، وختن عمر هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى من رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح ابن عدي بن كعب بن لؤي القرشي، ابن عم عمر ، (أساس البلاغة).
(٢) هو خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خذيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة ابن تميم، يكني أبا عبد الله، اختلف في نسبه فقيل خزاعي، وقيل تميمي، لحقه سباء في الجاهلية فبيع بمكة، وقيل هو مولى عتبة بن غزوان، وقيل أم أنمار بنت سباع الخزاعية - من السابقين الأولين للإسلام - عذب في الله كثيرا، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله ، نزل الكوفة ومات بها، وهو أول من دفن بظهر الكوفة، وكان موته سنة ٣٧ هـ. وكان عمره ثلاثا وسبعين سنة. (أسد الغابة ١٠٧:٢).
(٣) الهينمة: الصوت الحفي (شرح نهج البلاغة).