للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدم عليه قدر بن عمار (١) في وفد بني سليم فأسلم، وكان جميلا وسيما، وقال في إسلامه:

عقدت يميني إذ أتيت محمدا … بخير يد شدّت بحجزة مئزر (٢)

وذاك امرؤ قاسمته شطر دينه … ونازعته قول امرئ غير أعسر

وإنّ امرأ فارقته عند يثرب … لخير نصيح من معد وحمير

وكان خرج إلى بلاد قومه في الوفد، ووعدوا النبي أن يوافوه لنصره على أهل حنين، فرجع أصحابه وليس فيهم، فقال لهم رسول الله : فأين الغلام الحسان الصدوق الإيمان، الطليق اللسان؟ قالوا: مات. وفي موعدهم النبي، قال عباس ابن مرداس:

سرينا وواعدنا قديدا محمدا (٣) … يؤم بنا أمرا من الله محكما

يجوس العدا بالخيل لاحقة الكلى … وتدعو إذا جنّ الظلام مقدما


(١) قدر بن عمار: كذا بالأصل، ويروي في أسد الغابة ٢٠٠:١، والإصابة ٢٢١:٣ «قدد بن عمار بن مالك بن يقظة بن عتبة خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم - بدالين وزن عمر، ويقال آخره راء «قدر» ويقال قدن بفتحتين ونون - عن علي بن محمد المدائني عن أبي معشر عن يزيد بن رومان، ورجال المدائن. قالوا: قدم بنو سليم على رسول الله بقديد عام الفتح، وهم سبعمائة ويقال ألف، فقال الناس: ما جاءوا إلا للغنائم. وفقد رسول الله غلاما كان قدم عليه فقال: ما فعل الغلام الحسان الطليق اللسان الصادق الإيمان؟ قالوا: ذلك قدد بن عمار توفي، فترحم عليه رسول الله ، وكان قد وفد على النبي وبايعه وعاهده أن يأتيه بألف من بني سليم، فخرج في تسعمائة وخلف في الحي مائة، وأقبل بهم يريد الرسول فنزل به الموت .. الحديث.
(٢) وردت هذه الأبيات في الإصابة ٢٢١:٣ كالآتي:
شددت يميني إذ أتيت محمدا … بخير يد شدت بحجزة مئزر
وذاك امرا قاسمته نصف دينه … فأعطيته كف امرئ غير معسر
وإن امرأ فارقته عند يثرب … لخير نصيح من معد وحمير
(٣) في الأصل: عشية واعدنا قديدا محمدا، والتصويب عن ابن هشام ٩١٣:٤.