للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تغدو الإبل وتأتي الناس فمن شاء أخذ برأس بعير فذهب به، قال: فمالك أحب إليك أو مال مواليك؟ قال قلت: بل مالي، قال: إنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت، وما بقي فلمولاك. قلت: أما والله لئن بقيت لأدعنّها قليلا، قال الحسن: ففعل والله. فلما حضرته الوفاة قال:

يا بنيّ خذوا عني، فإنه ليس أحد أنصح لكم مني، إذا أنا مت فسوّدوا كباركم لا تسودوا صغاركم فتستسفه الناس كباركم وتهونوا عليهم وعليكم بإصلاح المال فإنه منبهة الكريم، ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم والمسألة؛ فإنها آخر كسب المرء، ادفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها، وإياكم والنياحة؛ فإنّ النبي ينهى عنها، وادفنوني في مكان لا يعلم بي أحد؛ فإنه قد كان كون (١) مني ومن هذا الحي ابن بكر بن وائل كما نشأت في الجاهلية.

حدثنا خلف بن الوليد، وأحمد بن معاوية قالا، حدثنا هشيم، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: دخل عيينة بن حصن (٢) على رسول الله


(١) الكون: الشيء أو الحدث (أقرب الموارد ك و ن).
(٢) عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو بن جويّة بن لوزان بن ثعلبة بن عدي ابن فزارة الفزاري - يقال كان اسمه حذيفة، ويكنى أبا مالك، ولقب عيينة، لأنه كانت أصابته شجة فجحظت عيناه، قال ابن السكن: له صحبة، وكان من المؤلفة قلوبهم، أسلم قبل الفتح، وشهد حنينا والطائف، وكان ممن ارتد في عهد أبي بكر، ومال إلى طليحة فبايعة، ثم عاد إلى الإسلام، كما كان فيه جفاء سكان البوادي كما هو ثابت من هذا الخبر وغيره من دخوله بغير إذن على رسول الله وفي كتاب «الأم» للشافعي في باب الزكاة «أن عمر قتل عيينة بن حصن على الردّة، قال ابن حجر: ولم أر من ذكر ذلك غيره، لكن يحتمل أن يكون أمر بقتله فبادر إلى الإسلام فترك فعاش إلى خلافة عثمان (الإصابة ٥٥:٣، وأسد الغابة ١٦٧:٤).