للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بضعة عشر يوما ما لنا طعام إلا البرير (١) فقدمنا على إخواننا من الأنصار - وجلّ طعامهم التمر - فواسونا، ولو أجد لكم الخبز واللحم لأطعمتكم، ولكن لعلكم ستدركون زمانا - أو من أدركه منكم - تلبسون فيه مثل أستار الكعبة، ويغدى ويراح عليكم بالجفان.

حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن هشام بن الوليد، عن زياد بن مخراق، عن عبد الله بن مغفل المزني (٢) قال: كان النبي إذا هاجر أحد من العرب وكّل به رجلا من الأنصار، فقال: «ففقّهه في الدين، وأقرئه القرآن، فهاجرت إلى رسول الله فوكّل بي رجلا من الأنصار ففقّهني في الدين، وأقرأني القرآن، وكنت أغدو عليه فأجلس ببابه حتى يخرج متى يخرج، فإذا خرج تردّدت معه في حوائجه فأستقرئه القرآن، وأسأله في الدين حتى يرجع إلى بيته، فإذا دخل بيته انصرفت عنه.

حدثنا عبد الله بن رجاء قال، أنبأنا إسرائيل، عن سماك،


(١) البرير: أول ما يظهر من ثمر الأراك (أقرب الموارد ٣٧:١ والنص بهذا موافق للحلية في ٣٧٥:١، وأسد الغابة ٦٣:٣).
(٢) عبد الله بن مغفل بن عبد غنم، وقيل عبد نهم بن عفيف بن أسحم بن ربيعة ابن عداء بن عدي بن ثعلبة بن ذؤيب المزني، هو وولده عثمان من مزينة نسبوا إلى أمهم مزينة بنت كلب - وكان من أصحاب الشجرة، أحد البكائين الذين أنزل الله ﷿ فيهم: «وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ» ٩٢:٩.
وكان أحد العشرة الذين بعثهم عمر إلى البصرة يفقهون الناس، وهو أول من دخل من باب مدينة «تستر» حين فتحها المسلمون، توفي عبد الله بالبصرة سنة تسع وخمسين، وقيل سنة ستين، أيام إمارة ابن زياد، وصلى عليه أبو برزة الأسلمي بوصية منه (أسد الغابة ٢٩٤:٣، الإصابة ٣٦٤:٢، الاستيعاب ٣١٦:٢).