للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=عليه وسلم وأبو بكر وعمر في بعض طرق المدينة، فقال له رسول الله :
أتشهد أني رسول الله؟ فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟ فقال رسول الله «آمنت بالله وملائكته وكتبه» ما ترى؟ قال: أرى عرشا على الماء، فقال رسول الله : «ترى عرش إبليس على البحر» وما ترى؟ قال أرى صادقين وكاذبا أو كاذبين وصادقا، فقال رسول الله لبّس عليه، دعوه».
وفي ثلاثيات الإمام أحمد بن حنبل ٤٢١:٢ «ليس عليه، دعوه».
وفي رواية أخرى، ٤١٩:٢ فقال رسول الله : «خلط عليه الأمر» وذكر ابن الأثير في (جامع الأصول) قال الخطابي : قد اختلف الناس في أمر ابن صياد اختلافا شديدا، وأشكل أمره حتى قيل فيه كل قول. فقيل كيف أبقى النبي رجلا يدعي النبوة كاذبا وتركه بالمدينة في داره يجاوره فيها؟ وما معنى ذلك؟ وما وجه امتحانه بما خبأه له من آية الدخان؟، وقوله بعد ذلك: «اخسأ فلن تعدو قدرك؟» قال: والذي عندي أن هذه القضية إنما جرت معه أيام مهادنته اليهود وحلفاءهم، وذلك بعد مقدمه المدينة، فإنه كتب بينه وبين اليهود كتابا صالحهم فيه على ألا يهاجوا، وأن يتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم أو دخيلا في جملتهم، وكان يبلغ رسول الله خبره، وما يدّعيه من الكهانة، ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه رسول الله ليبرز أمره ويخبر شأنه، فلما كلّمه على أنه مبطل وأنه من جملة السحرة أو الكهنة، أو ممن يأتيه رئيّ من الجن، أو يتعاهده شيطان، فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم به «فلما سمع رسول الله قوله: «الدخ» زبره فقال: «اخسأ فلن تعدو قدرك» يريد أن ذلك شيئا أطلع الله تعالى عليه الشيطان فألقاه إليه، وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبيل الوحي السماوي، إذ لم يكن له قدر الأنبياء الذين يوحى إليهم علم الغيب، ولا درجة الأولياء الذين يلهمون الغيب فيصيبون بنور قلوبهم، وإنما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في البعض، وذلك معنى قوله: يأتيني صادق وكاذب، فقال له رسول الله : «قد خلط عليك» قال والجملة من أمره أنه كان فتنة امتحن الله بها عباده المؤمنين: «ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة» كما امتحن الله تعالى قوم موسى بالعجل، فافتتن به قوم وهلكوا، ونجا من هداه الله وعصمه. قال وقد اختلفت الروايات في كفره، وفيما كان من أمره وشأنه بعد كبره، فروى أنه تاب عن ذلك القول، ثم إنه مات بالمدينة، وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه، كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس وقيل لهم: اشهدوا. وروى غيره ذلك. (شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد بن حنبل للعلامة السفاريني الحنبلي ٤٢٩:٢).