للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هكذا، فو الله لقد أنتنتني. فقال عبد الله بن رواحة: ألحمار رسول الله تقول هذا؟ فو الله لهو أطيب عرضا (١) منك قال: ألي تقول هذا يا ابن رواحة؟ فقال: إي والله، ومن أبيك. فلم يزل الأمر بينهما حتى جاءت عشيرة هذا وعشيرة هذا، فكان بينهم وحي (٢) باللطام والنعال فأراد رسول الله أن يحجز بينهم حتى نزلت: «وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا» إلى قوله «حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ» (٣) فلما نزلت عرفوا أنها الهاجرة، فكفوا، وأقبل بشير بن سعد أبو النعمان بن بشير - وكان من رهط ابن رواحة - متقلّد السيف، فلما انتهي إلى القوم وقد تحاجزوا قال: أين أبيّ يا ابن أبي سعد أعليّ تحمل السيف؟ فقال: والله لو أدركتكم قبل الصلح لضربتك به.

حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا ابن جريج قال، أخبرني عروة ابن دينار، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: غزونا مع رسول الله وناب (٤) ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان رجل من المهاجرين لعّابا فكسع (٥) أنصاريا، فغضب الأنصار غضبا شديدا حتى تداعوا، فقال الأنصاري: يا للأنصار


(١) العرض: النفس وقيل الجلد (أقرب الموارد).
(٢) الوحي: كل ما ألقيته إلى غيرك، وكذا الصوت يكون في الناس وغيرهم (تاج العروس ٣٨٥:١٠).
(٣) سورة الحجرات آية ٩.
(٤) ناب: يعني أقبل (لسان العرب «نوب»).
(٥) الكسع: أن تضرب بيدك أو برجلك على دبر إنسان أو شيء ما، وفي حديث زيد بن أرقم: أن رجلا كسع رجلا من الأنصار أي ضرب دبره بيده (لسان العرب ١٨٤:١٠).