للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

المديني أو أبي مُوسى الزمن أو الفلاس أوْ بندار… ولا بد في واحدٍ من الأَسْبِقةِ أنْ يكون أوْعَبَ وأَصْرَحَ في ذكْرِ ما يُميط لثامَ الْغُموض عن المعنى منْ غيره، وقد يزيدُ أحدُ مَخَارج الخبر زيادةً لازمة بدونها لا يتضحُ المعنى.

فيكونُ ضَرْبُ كلام بعضهم ببعض، تحرّياً لإدراك مناخ النص الذي وقع فيه إنتاجه.

وغالبُ الظن - المؤسس على التقري وترداد النظر - أنه لو بلغنا تراث كثير من مُجايلي الفلاس أمْثالِ مَنْ ذكرنا، لوجدنا أن أحدَهمْ وحْدَه يقومُ بعُظم روايتهم، ويَنْقُل إسْوةً بهم ما ينقلونه، فلا يبقى لكلّ أحدٍ منهم ممّا ينْفَرِدُ به إلّا الشّيء القليل (١)، وقد خلصنا إلى هذه النتيجة بعد أن وقفنا كثيراً عند أخبار ونُصوص في كتاب أبي حفص، لم تُسْعف بإضاءتها إلا مرويات أقرانه ومجايليه بالعراق خاصةً، وهو ما قد نسمّيه بالقدْرِ المشترك في الراوية الذي يُنتجه في العادة اتحادُ الشّيوخ والزمان والمكان؛ فلهذا كان المعنى الذي يُنتجه تسليط نصّ على نصّ آخَرَ في موضوعه - وقد تحققت لهما شروط الْوَثَاقة - أصح وأدق من المعنى الذي تُنْتجُهُ قراءةُ نصّ معزول، مهما تسلّحت القراءة بآليات قويمة.

ومن فوائد كتاب العلل، أنّه يحدّدُ أيْن ينتهي كلام المؤلّف، لتخليصه من كلام من نقل عنه؛ لأنّ بعضاً من النصوص النقدية التي تؤُوبُ في أصلها إليه، تُعْزَى أبعاضُ منْها في العادة لناقليها، خاصة إذا طال النّقْل، فيُظَنّ لأول وهلة أنّ مبدأه فحسبُ للفلاس دون بقيته؛ كما في الخبر المتعلّق بإرسال ابن جريج (٢).

ومعلوم أن تصحيح النّصّ دون التعليق عليه تَفَصّ أنيق من الْعُهْدة، ولكنه


(١) يُستثنى من هذا عليّ ابن المديني؛ لأنّه في ظنّي لا يَدْخُلُ تحت هذا النّظَر، ولو وصَلَنا تراثه كاملاً لَكَانَ مستبداً بكثير من تراث هؤلاء المذكورين مجتمعين، ولا عكس.
(٢) العلل: رقم ٢٩٢.

<<  <   >  >>