للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[٣ - سمات التأليف عند عمرو]

أ - لزومُ جَدَد الرواية والإحجام عن إيرادِ مُسْتَنبَطاته:

إن إناطة عمرو ما سيق في كتاب العلل بكونه من إجماعات نَقَدَةِ الْبصْرة، ناءٍ به عنْ أنْ يفْصح عن آرائه النقدية بوضوح، وقد كنا ننتظر أن يتحرّر من مورد الرّواية لوَهْلةٍ، بانفكاكه عن الْقَيْدِ الذي التزمه في التاريخ، لكن تحصل أنّ هذا الميْسَمَ عامٌ فيما وَصَلَنا منْ كُتبه (١). وقد قال الفلاسُ يوما لأبي الآذان عُمر بن إبراهيم: «أنت لا تحْسَنُ شَيْئاً إلا بإسناد» (٢)، وما أَجْدَرَه هو بهاته العبارة، فإنّها متمكنة فيه. ولك أن تتحقق ذلك بأن كتاب التاريخ لم يتضمن جرْحاً للرّواة ولا تعديلاً إلّا في خصوص راوييْن اثْنَيْن هما: أَبَوَا عقيل: بشير بن عُقبة الدّوْرَقيّ (٣)، ويحيى بن متوكل صاحب بُهَيّة (٤)، الأوّلُ ثقة وتلوه ضعيفٌ. ومع أن كُتب التاريخ لم تتمحض لهذا، إلّا أنّنا وجدنا المؤلّفين الأول، يعطفون على بعض قضايا الجرح والتعديل فيها وينثرون في تلافيفها نقَدَاتٍ وترجيحات، بل توسّع منْهم منْ قَصَرَ التاريخ على ذلك كابْنِ معين، وضيّقَ مِنْهم منْ حَصَرَ إِهَابَهُ في الأسماء والكنى كالمقدمي الصغير؛ وحقق مفهوم التاريخ من جمع أموراً بين ذلك كثيراً، كالبخاري .

وأجلى ممّا مرّ أنك لن تجد على امتدادِ مساحة الكتاب كلاماً خالصاً لعمرو، بل كلّ ما فيه إمّا مروي أو محكي، ويكفي للدلالة على ذلك، أنّ عبارة «سمعْتُ» لم تخْلُ منها صفحةٌ من صفحات هذا الجزء، فتكرّرت مئةً وإحدى وتسعين مرّة (١٩١).

[ب - الأم إلى الاختصار والاقتصاد في الرواية]

ويظهرُ هذا الإقلالُ أوّلَ ما يظهرُ في مَسْرَدِ كتبه، فإننا لم نحصل من


(١) وقد وجدنا للفلاس آراء نقدية كثيرة خارج هذين الكتابين.
(٢) ن: الحكاية بسياقها في الكامل لابن عدي: ١/ ٣١٦؛ ر: ٧٧٦.
(٣) التاريخ: ٣٥٤.
(٤) التاريخ: ٣٥٥.

<<  <   >  >>