للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

قوس النور (١)

الحمد لله مُزْجي النّعم ومُدِيمِها، والصلاة على هادي الخلائق وشفيعها، وبعد:

كانتْ كتب أبي حفص الصيرفي إلى سنوات خلت في حكم الْمَعْدوم، ما عرفها أحد ولا استهدى إليها بوجه، ولا نَهضَ للتفتيش عنها ناهض، للظنّ أنّها أعزّ مَنْ بَيْضِ الْأَنُوق والْأبْلَقِ الْعَقُوق، ثمّ لِغَلَبة اليأس من وجدانها بما تباعد الْعَهْدُ بيننا وبيْنَ آخرِ المتملكين لها أو المُحِيلين عليها… لكنّ قَدَراً مِنْ سابغ النّعْمةِ أَبْقى نسخةً يتيمةً من كتاب العلل ردْحاً من الدهر قابعة في خزانة ابن يوسف بمراكش تحت رقم ٦٨٤، يمرّ عليها أحاد الْعلماء وعامّتُهُمْ مُصْبَحَهم ومُمْساهمْ. ما التفتوا إليها قط ولا رعوها حقّ رعايتها، وزَوَاهم عن التفرس فيها والْبَصَارَةِ بها، عرو المجموع عن عنوان، وشأن الناس من الزهادة في مُكابدة الصعب من المراكب، والتولع بالمسلك السهل، ولا سيما مما انكشف حجابه ولاحَ بريقه؛ لأنّه يُعفيهم من ضنك الاختيار ومَضَايِقِه - وما كلّ أحدٍ يُحْمَدُ ارتياده -؛ فَتَراهمْ يَتَطارحون لأجل ذلك على الاشتغال بالكتاب الواحد يكشفه أحدُهم تطارُحَ الْفَرَاش، ولو وسعهم التنقير عن هذا الكثير النّادر الْمُتَوَاري ممّا لم يُعْلم، لم يقع هذا التهارش، ولا نازَعُوا الكتاب صاحبَه الْمُضْنَى من التنقير عليه والسابق إلى إبدائه، ولا هموا بسَرِقَتِه أو كادوا… وفي ذلك ما فيه من هذر الجهد والوقت بالتّوارُدِ على عمل لا يَتَعيّن فيه جمع، وإشعار برقة الدين والجراءةِ على الفِرْية، ممّا لا يُناسب هذا العلم الشريف المنيف.


(١) مشْرعُ بُدُو الهلال؛ وهو اصطلاح فلكي قديم.

 >  >>