للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومن تلك الملاحظات:

[ب - ذكر الفقاهة في الحديث]

وقع في هذا الجزء ما يشفعُ لتسمية الْفُقهاء في العنوان؛ فَعَنْ حذيفةَ بن أَسِيدٍ قال: «لقد رأيْتُ أبا بكر وعُمَر، وما يُضَحيان؛ إرادةَ أنْ يُسْتَنّ بهما. ثمّ أتيتكم فحملْتُمُوني على الجفاء بعدما فقهتُ السنة» (١). وأورد العبارة للتمثيل مُجرّدةً عن الْعَزْو، أبو علي الفارسي في الحجّة (٢) عند قوله تعالى: ﴿وَلا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً﴾ [الكهف: ٩٣]. وجميع من روى كلام أبي سَريحة قال: «علمْتُ السنة»، ولم يتابع أيهم الْفَلاسَ على «فقهتُ» - فهي منْ أفراده - ولكنّها دالّةٌ وأقْوَمُ منْ أخْتها؛ وفيها ظهور مبكر لمصطلح «فقه السنة».

ويظهرُ أنّ التقارب بين المحدّث والفقيه كان شديداً لحد التباسهما، فلا يُذْكَرُ الأوّلُ في طبقات الرّجال إلّا ذُكِرَ الثّاني مثلما عند ابن سعد وابن خياط وابن زنجويه في مَسَاردِ طبقاتهم، ولعلّ صاحبَنا جَرَى على هذا السبيل أيضاً، فلذلك أفردَ في التاريخ باباً لذِكْر من مات من أهْل الْبَصْرَةِ مِنَ الْفقهاء (٣)، غالب من سُمّوا في تضاعيفه من أهل الحديث، وقال في خبر آخر (٤): سمعْتُ أَزْهَرَ السّمّان يقول: قدِمَ علينا محمد بْنُ عَمْرو، فَمَا تخلف عنه أحدٌ، وما سمعتُ منه حرفاً. ورأيْتُ كبار أصْحاب الحديث؛ رأيتُ حمّادَ بنَ سَلَمة، وحماد بنَ زيْدِ، وفقهاء البصرة ومشيخة البصرة عنده.

ثمّ إنّ وجاهة ذكر الفقهاء في عُنوان الكتاب، تتأسس على أنّ في الجزء مسائل فقهيّةً ليحيى وقضايا تتعلّق بأحاديث تروجُ عند الفقهاء دون غيرهم، كما يُعلم بتصفحه.


(١) العلل: رقم ٧٣.
(٢) الحجة: ٥/ ١٧٢.
(٣) ٢٨٢
(٤) ٢٦٨

<<  <   >  >>